سعى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلى احتواء ما بدا أنها محاولات لتقويض «الوحدة اليمنيّة» التي أقرّت عام 1990، ولا سيما بعد المواجهات بين قوات الأمن ومحتجين «جنوبيين» يوم السبت الماضي، والتي أدت إلى مقتل أربعة أشخاص، اعتبرهم الرئيس اليمني أمس «شهداء».وكانت مدينة ردفان الجنوبيّة (300 كيلومتر جنوب صنعاء) قد شهدت مواجهات بين قوات الأمن المركزي ومحتجّين، غالبيّتهم من الجنود السابقين الذين قاتلوا في الحرب الأهليّة عام 1994، كانوا يحضّرون لتظاهرة في الذكرى السنويّة الـ44 للنهضة الجنوبيّة ضدّ الاستعمار البريطاني. وأسفرت المواجهات عن مصرع 4 محتجّين وجرح 16 آخرين، أحدهم جراحه خطرة.
وكانت شرارة الاحتجاجات قد انطلقت في آذار الماضي، عندما أعلن مجلس التنسيق للمتقاعدين العسكريين والمدنيين عن مطالبته بعودة نحو 70 ألفاً منهم أُحيلو إلى التقاعد القسري إثر «انتصار الشمال على الجنوب». وكانت حرب صيف عام 1994 بين الشمال والجنوب قد أسفرت عن خروج القيادات الجنوبية من الحكم منذ ذلك الوقت. ورغم وجود عفو رئاسي عنهم، إلّا أنّ معظمهم لا يزال فى الخارج وأبرزهم رئيس الحكومة الأولى في الجمهورية الموحّدة، حيدر العطاس.
ونسبت وسائل الإعلام اليمنية الرسمية إلى صالح قوله إنّ «الذين سقطوا في الحادث المؤسف في ردفان يعدّون شهداء وستحظى أسرهم بكل الرعاية، كما أنّ الدولة ستتكفّل بمعالجة المصابين».
وكان صالح قد اتّهم، في حفل أقيم الأحد الماضي، جهات لم يسمّها بـ«اللعب بالنار». وقال إنّه «لا مجال ولا مكان لمن يشكّك اليوم في وحدتنا اليمنية، إلّا إذا كان مريضاً أو معتوهاً»، مؤكّداً أن الوحدة أجمع عليها الشعب اليمني بكامله.
ورغم أن صالح لم يسمِّ الجهات، إلا أن حركة مبعوثيه أشّرت إلى دور ما لدول الخليج. وذكرت صحف الموالاة اليمنية أمس أن «موفداً من القصر الرئاسي موجود حالياً في الإمارات العربية المتحدة بغرض محاولة التأثير على دول الخليج للتضييق على القيادات الجنوبية التي تدعم احتقانات الداخل بالمال».
ونسبت تقارير الصحف إلى مصادر استخباريه يمنية حديثها عن «وجود تحرّكات سياسية يجريها النائب السابق للرئيس اليمني، علي سالم البيض، من سلطنة عمان وهو ما جعل الأخيرة توجّه تحذيراً له من ممارسة أي نشاط سياسي على أراضيها». وكان اليمن قد وجّه اللوم إلى دول الخليج لوقوفها إلى جانب دعم الانفصال بين جنوب وشمال اليمن عام 1994.
والسائد لدى الجنوبيّين هو احتجاجهم على إقصائهم من الوظائف العامّة التي شغل معظمها الشماليّون، الذين لا يزالون يمتلكون مساحات شاسعة من أراض منحت لهم بعد الحرب الأهليّة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ وحدة اليمن تمّت في 22 أيّار عام 1990، عندما اندمج شماله وجنوبه في إطار الجمهوريّة، برئاسة صالح، الذي كان يتزعّم الشقّ الشمالي. وأتت الوحدة بعدما وقّع صالح مع زعيم «الجمهوريّة الشعبيّة اليمنيّة الديموقراطيّة» (الجنوبيّة)، علي سالم البيض، مسوّدة دستور الوحدة.
وكان عضو الهيئة العليا لحزب «التجمع اليمني للإصلاح» المعارض، محمد قحطان، قد اتّهم الأسبوع الماضي السلطة بأنّها وراء تأجيج الصراع بين القبائل اليمنية التي عانت من نحو 4 آلاف معركة خلال 3 عقود مضت. وقال إنّ «اليمن في وضع مأساوي بكل معنى الكلمة بسبب تخبّط السلطة». وطالب بـ«ضرورة السعي وبقوّة إلى تغيير النظام القائم وبالوسائل السلمية».
ولفت قحطان إلى أنّ «السلطة القائمة، التي عملت بخبرة شيطانية، هي التي أجّجت الحروب والصراعات بين القبائل، وأنّ النظام القائم أثبت أنه عائق وممانع لأيّ مواطنة متساوية».
(يو بي آي، أ ب)