مجموعة ريو» تجمع المتخاصمين في سان دومينيكبول الأشقر
شاءت صدفة جدول العمل الإقليمي، أن يشارك أمس رؤساء الإكوادور وكولومبيا وفنزويلا، وأيضاً نيكاراغوا، التي قطعت علاقتها مع بوغوتا تضامناً مع الإكوادور، في إطار اجتماع لـ«مجموعة ريو» يعقد في الجمهورية الدومنيكانية. وقد رفض الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي أي لقاء مصالحة مع باقي الرؤساء، بينما من المُرجّح أن تكون القمة مناسبة لتصعيد اللهجة بين الرئيسين: الإكوادوري رافاييل كوريا، والكولومبي تحسبّاً لاجتماع مجلس وزراء الخارجية لمنظمة الدول الأميركية في السابع عشر من آذار.
وكان كوريا قد ذكر بعد اجتماعه مع رئيس نيكاراغوا، دانييل أورتيغا، في مناغوا قبل يومين، أن «على منظمة الدول الأميركية أن تصل إلى إدانة صريحة للعمل الكولومبي ضدنا، وإلا فالمنظمة بأكملها ذاهبة إلى سلّة النفايات».
وفي إشارة إلى أداء الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، قالت رئيسة التشيلي ميشال باشليه، قبيل سفرها إلى سان دومينك، إن «القانون الدولي يمنع أي خرق لحدود دولة أخرى، ولكنه يمنع أيضاً أي تدخل في شؤون دولة أخرى... وكل ما يقود إلى توتر العلاقات بين دول المنطقة ليس الطريق السليم لحل النزاعات».
أما الرئيسة الأرجنتينية، كريستينا فرنانديز، التي التقت في كاراكاس بتشافيز وبوالدة الرهينة الكولومبية الفرنسية إنغريد بيتانكور، فقد أعلنت أنها «متفقة مع الرئيس تشافيز على ضرورة البحث عن السلام وعن وحدة دول المنطقة» قبل أن تشير إلى «ضرورة تحاشي أية خطوة وحيدة الجانب». وطلبت من منظمة «الفارك» اليسارية، التي تختطف الرهينة الفرنسية، «إسهاماً فعالاً لخفض مستوى التوتر».
ولدى وصوله إلى سان دومينك، طالب تشافيز بـ«تحاشي حرب في أميركا اللاتينية» و بـ«مسار يسمح بتحويل الفارك إلى حزب سياسي من دون أن يؤدي ذلك إلى قتلهم». كما طالب «الفارك» بـ«أنسنة حربهم وبعدم اللجوء إلى سلاح الخطف»، متمنياً «الوصول إلى نهاية الولاية الأميركية دون أن يورطونا بحرب على الأرض... وسنعمل جاهدين لتحاشي هكذا تطور».
وفي بروكسل، تمنت وزيرة خارجية الولايات المتحدة كوندوليزا رايس أن «تصل كولومبيا والإكوادور إلى حل سلمي للنزاع بينهما». من جهة أخرى، أعلنت الإكوادور أنها تشك بأن بين الجثث الـ22 التي وجدتها في مخيم «الفارك»، الذي تعرض لغارة جوية كولومبية الأسبوع الماضي، عشر جثث لمواطنين مكسيكيين. ويرجَّح، بحسب تقاطع المعلومات بين الإكوادور والمكسيك، أن مجموعة من جامعة «أونام» المكسيكية مؤلفة من أساتذة وطلاب كانت تقوم ببحث ميداني في المعسكر لدى وقوع الغارة.
وفي أول رد فعل عسكري على هذه الغارة التي أودت بحياة القيادي راوول ريّس، فجرت منظمة «الفارك» شبكة نقل النفط في منطقة محاذية لمكان الغارة. وأبدت منظمة «جيش التحرر الوطني» الكولومبية التي تخوض حرب عصابات ـ وتُجري في الوقت نفسه مفاوضات مع الحكومة الكولومبية ـ «تضامنها الثوري» مع «الفارك»، معبّرة عن «قلقها العميق لتحوُّل حكومة كولومبيا إلى أداة للسياسة التوسعية والعدوانية لحكومة (الرئيس الأميركي جورج) بوش، وهو الدور الذي تقدمه إسرائيل في الشرق الأوسط».
إلى ذلك، تألفت اللجنة التي ستزور مكان الغارة الكولومبية في الإكوادور، والتي يتصدّرها الأمين العام للمنظمة، وهي مكوّنة من سفراء البرازيل والأرجنتين والبيرو وباناما.
إلا أن عزلة أوريبي النسبية في الخارج تغطّي على تطورات حاسمة تحدث في الداخل الكولومبي، أهمها تصاعد خرافي لشعبيته. وقد بدا ذلك جليّاً في اجتماع «القطب البديل الديموقراطي»، أكبر حزب يساري معارض ومرشح جدّي لخلافة الرئيس أوريبي اليميني. وكان هذا الحزب يُندّد، قبل فترة، بالرئيس أوريبي، يقف الآن إلى جانبه في «الأزمة المصيرية التي يجتازها البلد».
وفي سياق تحرك جرى قبل شهر «معادٍ للفارك ولعنفهم»، عرفت كولومبيا أول من أمس تحركاً مواطنياً «معادياً لجرائم ميليشيات الباراميليتاريس اليمينية وحلفائهم داخل جهاز الدولة». وكان هناك شكّ في إمكان القيام بهذا التحرك بسبب الالتفاف الحالي العارم حول أوريبي. وأتت المشاركة أكثر من المتوقع مع أنها لم تصل ولو عن قريب إلى مستويات شبيهة بالتحرك الذي جرى قبل شهر.
ومع أن الحكومة، التي كانت قد جندت للتحرك المدني السابق، حاولت اعتبار هذا التحرك الجديد «خدمة مجانية للفارك»، شارك عدد مقبول من الذين شاركوا في التحرك الأول في هذا التحرك الجديد ومن بينهم قيادة «القطب البديل» وحتى عدد من السياسيين «الأوريبيين» من الجيل الجديد.