تنطلق اليوم في العاصمة الرومانية بوخارست قمة حلف شمال الأطلسي لدوله الـ 26 وسط انقسامات حادة بين أعضائه على مجموعة من القضايا، في مقدمتها انضمام جورجيا وأوكرانيا، حيث توقّف الرئيس الأميركي جورج بوش في كييف مستبقاً القمة بإعلان دعمه لها للانضمام إلى الحلف، الذي تلقّفته روسيا بالتهديد والوعيد.وتوقف بوش في أوكرانيا، أمس، قبل التوجّه إلى بوخارست للمشاركة في قمّة الأطلسي. وأكّد لنظيره الأوكراني فيكتور يوتشينكو دعم واشنطن لانضمام كييف إلى الحلف. وتعهّد إقناع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائهما في السادس من نيسان الجاري، بالقبول وأنّ نشر منظومة الصواريخ الأميركية في أوروبا الشرقية لا يهدّد أي دولة، بما في ذلك روسيا.
وقال بوش: «هذا سوء فهم. أعتقد بقوّة أنّ أوكرانيا وجورجيا يجب أن تحصلا على خطة عمل للانضمام، ولا توجد مساومات». وأضاف: «لا أرى أي مبرّر لمعارضة موسكو انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى المنظمة التي تساعد على ازدهار الديموقراطية». وتابع: «الجار الديموقراطي شيء جيد جداً». وكشف عن اتصال أخير أجراه مع بوتين، وقال له: «يجب ألا تخشى ذلك سيّد بوتين».
وكانت الحكومة الأوكرانية قدّمت طلباً لنيل العضوية في الحلف، على أمل أن يحدث ذلك في قمة بوخارست اليوم. وقال يوتشينكو: «يجب أن نجري استفتاءً على مسألة عضوية أوكرانيا في حلف الأطلسي»، مشيراً إلى أنه لا يرى طريقاً آخر لأوكرانيا غير الانضمام إلى الحلف.
وتظاهر عشرات الآلاف من الأوكرانيين أمس في ساحة الاستقلال في العاصمة كييف، احتجاجاً على زيارة بوش وعلى الانضمام إلى «الأطلسي»، وحملوا لافتات كُتب عليها «الأطلسي أسوأ من الغستابو»، في إشارة إلى الشرطة السرّية في ألمانيا أيام الزعيم النازي أدولف هتلر.
من جهتها، حذّرت روسيا من ضم أوكرانيا إلى الحلف خلال القمة. وطلب البرلمان الروسي «الدوما» من حكومته الخروج من معاهدة الصداقة والتعاون والشراكة مع كييف التي تنتهي في الأول من نيسان من عام 2009.
وحذّر نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين من أنّ انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي «سيؤدي إلى أزمة عميقة في العلاقات الروسية الأوكرانية، الأمر الذي سينعكس سلباً على الأمن الأوروبي»، مضيفاً أنّ ذلك «سيؤدي إلى تغيير الأولويات في تحقيق أمننا الاستراتيجي». وتابع أنّ «موقف روسيا من أوكرانيا سيكون موقف احترام، ولكن موسكو ستبني علاقاتها مع كييف وفق الخطوات التي تقوم بها الأخيرة»، فيما حذّر رئيس مجلس «الدوما» بوريس غريزلوف من ردّة فعل موسكو قائلاً: «سنبذل كل ما في وسعنا كي لا يحصل ذلك» من دون توضيح ما قد يكون عليه الرد الروسي.
وفي السياق، أعلنت باريس معارضتها لانضمام أوكرانيا وجورجيا إلى «الأطلسي». وقال رئيس الوزراء فرنسوا فيون إنّ باريس «ترى أنّ ذلك ليس الردّ المناسب لتوازن القوى في القارة بين أوروبا وروسيا». وأضاف: «نريد أن نجري في هذا الصدد حواراً مع روسيا». وأكّد أنّ «فرنسا لديها وجهة نظر مختلفة عن الولايات المتحدة في هذه المسألة».
ومن المواضيع الأساسية التي تطرحها القمة اليوم، دور دول الحلف في أفغانستان. وقال مستشار الأمن القومي السابق في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، فرانك كارلوتشي، في خطاب أمام معهد العلاقات الخارجية في واشنطن، إنّ «الفشل الأميركي في أفغانستان سيفرط عقد حلف شمال الأطلسي ويسلّم المسرح العالمي للقوتين الجديدتين: الصين والهند». وشدّد على أنّه لا يمكن «أن نسمح بالفشل في أفغانستان».
وغادر الرئيس حميد قرضاي أفغانستان أمس متوجّهاً إلى بوخارست للمشاركة في القمة التي ستبحث غداً في إرسال تعزيزات دولية إلى بلاده حيث يزداد نشاط حركة طالبان. ومن المقرّر أن يُلقي خطاباً خلال جلسة خاصة اليوم، لدعم طلب بعض الدول الأعضاء، وفي مقدمها الولايات المتحدة، التي تحثّ بقية الدول الأعضاء على إرسال تعزيزات للقوة الدولية للإسهام في إرساء الأمن «إيساف» في أفغانستان.
وأفاد بيان من الرئاسة الأفغانية بأنّ قرضاي سيتطرّق بالخصوص إلى «عدم قدرة إيساف على مكافحة الإرهاب كما ينبغي». وأضاف أنّه سيشدّد في خطابه على «ضرورة تدريب القوّات الدولية الجيش الأفغاني» ويدعو إلى «المزيد من الإسهام في الجهود الرامية إلى إرساء الأمن في البلاد».
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)