عاش العراقيون الحدث الأميركي بتفاصيله المملّة، لكونهم معنيّين به تماماً كما هو معني به المواطن الأميركي، الذي اختار باراك أوباما رئيساً جديداً للولايات المتحدة.ولمّا كان الرئيس المنتخَب قد نال عدداً كبيراً من الأصوات على خلفية مشروعه العراقي القاضي بسحب جيشه المحتل من بلاد الرافدين خلال 16 شهراً، فإن مواقف حكومة بغداد ومعظم مسؤولي الأحزاب المشاركة في العملية السياسية كانت متقاربة من جهة الترحيب بالقاطن الجديد للبيت الأبيض، مصحوبة بأمل أن تحمل ولايته نمطاً من التعاطي القائم على تعلّم أخطاء إدارة جورج بوش مع الملف العراقي.
أما جنود الاحتلال الذين يُقدّر عددهم بنحو 130 ألفاً، فقد تابعوا الحدث من قواعدهم وأيديهم على قلوبهم، بما أن وصول أوباما يعني أمراً واحداً بالنسبة إليهم، وهو «اقتراب موعد العودة إلى الديار». وقال الضابط نورمان براون «إنني أشعر بإثارة. سوف يصبح أوباما رئيساً وسوف يسحبنا من هنا، بينما لو كان (جون) ماكاين هو الذي فاز، لبقينا هنا سنوات عديدة. نعلم أنه يوجد أناس هنا لا يريدون أن نبقى».
وأعربت الحكومة العراقية عن «ترحيبها واحترامها لخيار الشعب الأميركي». وأكد المتحدث باسمها علي الدباغ «رغبتها الصادقة في التعاون مع الرئيس المنتخب بما يحقق المصلحة المشتركة للشعبين، ويحفظ الأمن والاستقرار في العراق، ويصون سيادته الكاملة ويحفظ مصالح شعبه».
وعن تعهّده سحب جيشه من العراق في غضون 16 شهراً، أمل وزير الخارجية هوشيار زيباري أن «يعدّل الرئيس الجديد هذه التعهدات وفقاً للأحوال على الأرض»، قبل أن يؤكّد أن توقيع الاتفاقية الأميركية ــ العراقية لن يتأثر سلباً بوصول المرشح الأسود إلى البيت الأبيض.
أما النائب عن «الجبهة العراقية للحوار الوطني» محمد تميم، فأشار إلى ثقته بأن الرئيس الجديد «سيغيّر فعلاً من سياسة بلاده تجاه العراق»، مذكّراً بأنه سبق أن وعد بأنه سيسحب قوات بلاده.
وفي السياق، جاءت مواقف القائمة العراقية الوطنية التي يرأسها اياد علاوي متفائلة، إذ قال رئيس كتلتها النيابية جمال البطيخ إن أوباما سيكون «بعيداً في سياسته عن العنجهية التي تعودناها في إدارة جورج بوش وحزبه».
بدوره، فقد دعا النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان أوباما إلى «تصحيح الأخطاء التي وقع فيها الجمهوريون في العراق». وفي موقف مخالف لما كان السياسيون الأكراد يعلنونه قبل الانتخابات، قال عثمان «إننا (التحالف الكردستاني) من المؤيدين لفوز اوباما، ونأمل أن ينفذ برنامجه الذي وضعه بخصوص العراق، وأن يكون انسحابه من العراق مدروساً، وبالتعاون مع القيادة العراقية، والقيادة الميدانية الأميركية».
أما الكتلة الصدرية، فقد كانت متشائمة، بحيث أعلنت أنها «لا تؤيد أي رئيس أميركي، لأن الأيام المقبلة ستكشف زيف ادعاءاته وحديثه عن انسحاب قواته».
وشدّد رئيس الكتلة الصدرية النيابية عقيل عبد حسين على أن «اوباما يمتلك بعداً توسعياً من خلال تعيينه جوزيف بايدن، صاحب مشروع تقسيم العراق، نائباً له، وهذا يعني أن العراق دخل في طامة كبرى لا تختلف عن المصائب التي خلّفها جورج بوش». على صعيد آخر، سلم القيادي في التيار الصدري، مهند العزاوي، موفداً من السيد مقتدى الصدر، الرئيس السوري بشار الأسد رسالة في دمشق أمس، أبرز ما جاء فيها استنكار التيار الصدري للاعتداء الأميركي على الأراضي السورية. وبعد لقائه الأسد، قال العزاوي إنه موفد من جانب الصدر «لتقديم التعازي بضحايا الغارة الأميركية على قرية السكرية السورية»، مشيراً إلى أنه سلّم الرئيس السوري رسالة من الصدر تؤكد «ضرورة التكاتف بين الشعبين في سوريا والعراق والتعاون لطرد الاحتلال من العراق».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)