استعراض قوّة في مواجهة التهديدات الأميركية والإسرائيلية
طهران ـ محمد شمص
منذ سنوات تسعى إيران جاهدة لامتلاك ترسانة عسكريّة تعوّضها عمّا خسرته في حربها المدمّرة مع العراق (1980-1988)، وتعزّز دفاعاتها في وجه خطر القوى العظمى، التي تهدّد منذ سنوات بوضع حد للطموح النووي للجمهورية الاسلامية.
وعكف المسؤولون في إيران على تعزيز الدفاعات الأرضية من خلال شراء أنظمة صواريخ «تور أم ـــــ1» بقيمة 700 مليون دولار قادرة على صد مقاتلات «أف ـــــ16» الاميركية المتطورة وتدميرها. هذه المنظومة نُشرت بالقرب من المنشآت النووية وبعض المراكز العسكرية الحساسة، فيما يمتلك الجيش نظاماً صاروخياً محلي الصنع «ميثاق ـــــ2» متنقّلاً ومضاداً للطائرات.
واستكمالاً لسياسة تحصين الأجواء، عملت وزارة الدفاع على تصنيع طائرات «الصاعقة» من الجيل الخامس تحاكي مقاتلات «أف ـــــ18» الاميركية. وأجريت على هذه المُقاتلات تجارب ناجحة وأدخلت الخدمة العملية بأعداد وافرة.
كذلك تسعى طهران إلى شراء «منظومة أس 300» الروسيّة، وهو ما يشكّل هاجساً لإسرائيل، التي أوفدت أحد مسؤوليها إلى موسكو لعرقلة الصفقة، من دون أن تنجح إلى الآن.
ورغم ما يربط موسكو من مصالح وعلاقات جيدة مع تل أبيب، تبقى نظرة وريثة الاتحاد السوفياتي السابق إلى إيران، كحليف استراتيجي وخط دفاع أمامي عن مصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط، حسبما يرى عسكريون روس.
من هنا قطع نائب رئيس منظمة التعاون العسكري والتقني الروسي، ألكسندر فومين، الطريق أمام زيارة رئيس الدائرة السياسية الأمنية في وزارة الدفاع الاسرائيلية، عاموس جلعاد، بتأكيده أن بلاده ستواصل تعاونها العسكري مع إيران لما في ذلك مصلحة استقرار منطقة الشرق الأوسط.
وترى مصادر إيرانية مطلعة أن «الصفقة ستتم ولو بعد حين على غرار ما حصل بشأن الوقود النووي الروسي، الذي تأخر بسبب ضغوط أميركية وغربية على روسيا». وتضيف أن «امتلاك إيران المنظومة الدفاعية الجوية البعيدة المدى، سيحصّن أجواءها بالكامل، فهي من أهم وأقوى الانظمة الدفاعية في العالم بل تتفوّق على نظام «باتريوت» الاميركي».
لكن الهاجس الأكبر لدى الإسرائيليين، يبقى في الصواريخ البالستية التي تطال تل أبيب، ولا سيما صواريخ «شهاب ـــــ3»، التي يصل مداها الى ألفي كيلومتر، والتي طوّرها الايرانيون بعد كشفهم عن تجربة جديدة لصاروخ «سجّيل» البعيد المدى، الذي يعمل بالوقود الصلب مع قدرة إضافية على المناورة والسرعة في التحرك والدقة في إصابة الأهداف.
ويعدّ استخدام الوقود الصلب في نموذج «سجّيل»، حسب خبراء عسكريين، قفزة نوعية في الصواريخ البالستية الإيرانية، تتيح القدرة على تصنيع صواريخ عابرة للقارات يصل مداها الى أكثر من 5 آلاف كيلومتر، إلا أن طهران تنفي امتلاكها أو السعي للحصول عليها.
وقد أدرك نائب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أولي هاينونن، حقيقة هذه الصواريخ، فطالب إيران بالسماح بتفتيش مركز الفضاء في طهران، حيث أُجريت تجربة على أول صاروخ فضائي أوائل العام الجاري، باعتبار أن مداه يتجاوز 5000 آلاف كيلومتر. لكن إيران رفضت هذا الطلب لأن هذا الصاروخ مخصص للأغراض البحثية والعلمية.
ويعتقد خبراء عسكريون أن الفرق بين صواريخ «شهاب» المخصصة لأغراض عسكرية وبين الصواريخ الفضائية، يتمثّل في أن الأولى تسير بشكل منحن والثانية تتحرك عمودياً نحو الفضاء الخارجي.
غير أن ما يُقلق الإسرائيليين، ليس فقط نوعية صواريخ «شهاب» و«سجيل» ودقتها في إصابة الأهداف، بل حجم الترسانة الصاروخية وعددها؛ في الوقت الذي أشارت فيه معلومات استخبارية اميركية إلى أن إيران قادرة على تصنيع 50 صاروخاً في السنة، أعلن وزير الدفاع الايراني السابق، الادميرال علي شمخاني، أن «إيران تنتج صواريخ شهاب على غرار سيارات بيكان الوطنية»، وهي بالآلاف سنوياً.
ويبدو أن رهان تهديدات الضربة العسكرية الخاطفة الاسرائيلية ـــــ الاميركية لإيران، يقوم على أساس معرفة عدد منصّات هذه الصواريخ وأماكن انتشارها، الأمر الذي تقول مصادر إنه «سيحمل في طيّاته الكثير من المفاجآت»، ولا سيما بعد إعلان قائد سلاح المدفعية في الحرس الثوري، الجنرال محمود تشهارباغي، أن «لدى إيران القدرة على إطلاق أحد عشر صاروخاً على إسرائيل في الدقيقة الأولى للحرب».
طبعاً الأمر لا يتوقف عند هذا الحدّ، فأوراق القوة لدى إيران عديدة، بدءاً من إغلاق مضيق هرمز واستهداف الأسطول البحري الاميركي وصولاً إلى أذرع إيران في الخارج. وبالتالي فإن التحضيرات والمواقف وكثرة المناورات العسكرية والتجارب على أسلحة جديدة، التي تقوم بها إيران، تعدّ استعراضاً واضحاً للقوة في مواجهة التهديدات الاميركية الاسرائيلية.
وما هو أهم من ذلك، نقص المعلومات الاستخبارية الاميركية بشأن منشآت إيران النووية، حسبما ذكر تقرير نشرته مجموعة «اوكسفورد» للأبحاث. قد تكون المفاجأة الأكبر هنا، توصّل إيران في المدى القريب لامتلاك نحو خمسين ألف جهاز طرد مركزي محلّي الصنع، مخبأة في أماكن آمنة.


تقديرات القوّة العسكرية الإيرانيّة - الجيش النظامي: 500 ألف
- أفراد الاحتياط: 220 ألفاً
- أفراد الحرس الثوري: 300 ألف
- أفراد قوات التعبئة (الباسيج):
13 مليوناً، وهم من الطلاب والمتطوّعين المدنيين على اختلاف أعمارهم.
وعلى مستوى الترسانة العسكرية:
- مرابض المدفعية: عشرات الآلاف
- دبابات «ذو الفقار»: غير محدد
- دبابات «تي -72» الروسية: 480
- بوارج وفرقاطات وسفن أجنبية ومحلية الصنع: غير محدد
- طائرات «ميغ -29» و«وميغ -31» الروسية: غير محدد
- مقاتلات «أف -4» و«أف -5»: عشرات
- طائرات «الصاعقة» الايرانية: إنتاج وافر
- غواصات روسية تعمل على الديزل: 2
- غواصات صغيرة ومتوسطة محلية الصنع: غير محدد، فضلاً عن صواريخ النور البحرية (مداها الى 300 كيلومتر) وطوربيدات سريعة من إنتاج إيراني.