احتفال مهيب بحراسة 40 ألف رجل أمنواشنطن ـ الأخبار
أدى الرئيس الأميركي باراك أوباما، أمس، اليمين الدستورية أمام رئيس قضاة المحكمة العليا، جون روبرتس، مردّداً وراءه كلمات اليمين الدستورية الـ 35، واضعاً يده لحظة القسم على الكتاب المقدس الذي أمسكته زوجته، ميشيل. وهو الكتاب نفسه الذي أقسم عليه أبراهام لينكولن في حفل تنصيبه عام 1861، في إشارة رمزية للتواصل ما بين الحاضر والماضي، بين أول رئيس أميركي من أصل أفريقي والرئيس الذي أعلن انتهاء العبودية في الولايات المتحدة.
وحفل تنصيب أوباما يحمل الرقم 56، إذ إن العديد من الرؤساء الأميركيين قد أُعيد انتخابهم. وكان نائب الرئيس، جوزيف بايدن، قد أدى اليمين الدستورية قبل أوباما في مراسم تخللتها صلوات أداها القس الإنجيلي ريك وارن، جسدت تاريخية اللحظة، لكون «الشعب الأميركي تمكن أخيراً من إيصال أميركي ـــــ أفريقي إلى أعلى منصب في البلاد».
وبعد ذلك غنت ملكة «السول»، إريثا فرانكلين، للرئيس الجديد قبل أن يقدم الرباعي المؤلف من عازف الفيولونسيل الصيني الأميركي يو ـــــ يو ما وعازف الكمان إسحق بيرلمن وعازفة البيانو غابرييلا مونتيرو وعازف الكلارينيت أنثوني ماكجيل، معزوفته. ثم ألقت الشاعرة، إليزابيث ألكسندر، قصيدة للمناسبة. وألقى بعدها القس، جوزف لويري، كلمة للمباركة قبل أن تعزف جوقة «سي شانترز» التابعة للبحرية الأميركية النشيد الوطني.
وقد جاء حفل تنصيب أوباما في اليوم التالي للعطلة الاتحادية لتكريم مارتن لوثر كينغ، ما أضاف معنىً رمزياً لتسلم أول رئيس أميركي من أصل أفريقي مقعد الرئاسة في البيت الأبيض، الذي بناه جزئياً «العبيد السود».
وقبيل حفل التنصيب، شارك أوباما وزوجته، ميشيل، في قداس تقليدي، في كنيسة القديس «جونز إيبسكوبال» في العاصمة. وصاحب الرئيس وزوجته مجموعة كبيرة من سيارات الأمن، قبل أن ينتقل الموكب إلى البيت الأبيض حيث كان الرئيس المغادر، جورج بوش، وقرينته، لورا، في استقبال القاطنين الجدد عند الجناح الشرقي. كذلك رافق أوباما وقرينته، نائب الرئيس، جوزيف بايدن، وزوجته، جيل، الذين نزلوا جميعاً من سيارات ليموزين خاصة صممت حديثاً وخصيصاً لأوباما.
وقدّمت ميشيل هدية إلى لورا قبل أن يصطحب بوش الجميع إلى الداخل لتناول القهوة. وغادر الجميع بعدها إلى مبنى الكونغرس لبدء مراسم التنصيب. ومغادرة بوش البيت الأبيض كانت الأخيرة بوصفه رئيساً، وقد حصلت بعد حضوره حفل التنصيب مستقلاً طائرة عمودية أقلته إلى قاعدة أندروز الجوية، حيث استقل طائرة الرئاسة المعتادة التي تحمل اسم «سلاح الجو الرقم 1»، ولكن هذه المرة، فإن الطائرة حملت اسم «المهمة الخاصة رقم 28000»، لأنه لم يعد رئيساً للولايات المتحدة، وقد أقلّته إلى ميريلاند في ولاية تكساس ومن ثم إلى مزرعته في كرافورد. وترك بوش وراءه في درج مكتب الرئاسة البيضاوي رسالة صغيرة إلى أوباما، قالت المتحدثة، دانا بيرينو، إنها تحمل تمنيات بوش إلى الرئيس الجديد، ويؤكّد فيها أنه سيفتح صفحة رائعة.
أما نائب بوش، ديك تشيني، فقد اضطر إلى حضور مراسم التنصيب فوق كرسي متحرك، بعدما تحرّكت إحدى فقرات ظهره، وهو يحاول نقل بعض الصناديق الثقيلة أثناء تفريغ محتويات مكتبه. وقالت بيرينو إنّ «الطبيب نصحه باستخدام كرسي متحرك خلال اليومين المقبلين»، مشيرةً إلى أن تشيني (67 عاماً) حرص على حضور هذا الحفل التاريخي.
وقال تشيني الأحد الماضي إن «حياتي نهر يمكن من يشاء الصيد فيه، ولا أعتقد أنّي سأجد من يأسف عليّ وأنا أغادر البيت الأبيض». وغاب عن حفل التنصيب وزير الدفاع روبرت غيتس، الذي كان يتولى مهمة الإشراف على الوضع الأمني للولايات المتحدة.
وجرت احتفالات التنصيب وسط إجراءات أمنية لا سابق لها لهذه المناسبة، إذ أصبحت واشنطن معزولة اعتباراً من الساعة الثانية من فجر أمس، ولم يسمح إلا للمشاة بعبور الجسور المقامة على نهر البتوماك الذي يُحيط بالعاصمة، ونُشر 12 ألف عسكري، وآلاف من رجال الشرطة، ونُظمت دوريات جوية لمواجهة أي محاولة اعتداء. وقد تمركز جنود احتياط من حرس الحدود في العاصمة في إطار أكبر عملية أمنية جرت في مناسبة كهذه. وحلقت طائرات الجيش فوق نهر البوتوماك في وضع استعدادي لإطلاق صواريخ أو مواجهة أي اعتداء كيميائي أو بيولوجي. غير أن بهجة الاحتفالات شابتها التحديات التي تنتظر أوباما. وقال أحد الاشخاص الذين حضروا إلى واشنطن لمتابعة الاحتفالات: «ليس لدي ما أفكر فيه، كل شيء جميل، إنه مدهش، كذلك فإنه لم يغير فقط بلادنا، ولكنه يعتزم تغيير العالم وأنا أتطلع بحماسة بالغة إلى التغيير».
لكن أوباما الديموقراطي، الذي انتخب على وعد بالتغيير بعد ثماني سنوات من حكم الجمهوري جورج بوش، سيحرص أيضاً على ألا يرفع سقف التوقعات عالياً كي لا يغامر بإصابة أحد بخيبة أمل. وقد علّق على ذلك في مقابلة يوم تنصيبه مع «سي بي إس»، بأن الأميركيين يدركون «أننا لن نُزيل بعصا سحرية بعض المشاكل التي تواجهنا، لكن يمكننا أن نحقّق تقدماً مطّرداً». وأضاف أنه «لن يغلف هذه المشاكل بطبقة زائفة، لكنه على ثقة تامة بأن هذه الظروف تستوجب أمانة وصراحة تامة مع الناس، من دون التقليل من حجم التحديات التي يجب على الجميع أن يساهموا في مواجهتها».


تهديد خلال الحفلوقال المتحدث باسم الوزارة، راس نوك: «ينسق مكتب التحقيقات الاتحادي ووزارة الأمن الداخلي وجهات الاستخبارات مع جهات تنفيذ القانون الأخرى في التحقيق وتحليل معلومات وردت في الآونة الأخيرة بشأن احتمال وجود تهديد في يوم التنصيب». وأضاف: «هذه المعلومات لا تنطوي على تفاصيل وغير موثوق بصدقيتها»، وأشار إلى أنّ السلطات تتتبع أي خيط بشأن هذه المعلومات وجرى إخطار فريق أوباما. ودعا الجمهور إلى أن يواصل حضور الحفل، ولكن يتعين عليه أن يكون حذراً.
وقد أُبلغ فريق أوباما بالتهديد القائم. وذكرت مصادر أمنية أنّ «هذه التهديدات مرتبطة بحركة الشباب الصومالية التي تصنفها وزارة الخارجية على لائحة المنظمات الإرهابية، والسلطات تتعقبها منذ عدّة أيام».
(رويترز)