باريس ــ بسّام الطيارةيقوم الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي، ياب دي هوب شيفر، حالياً بجولة في فرنسا للترويج لصوابية خطوة الانضمام إلى الحلف، فيما يواجه المشروع اعتراضاً شديداً من عدد كبير من السياسيين الفرنسيين الذين يرون أن هذه الخطوة ستحد من استقلال بلادهم العسكري، وستنقل مقاليد التحكم في قرارات باريس العسكرية إلى الولايات المتحدة.
ويدرك شيفر، الذي استقبله الرئيس نيكولا ساركوزي في الإليزيه بعد محاولته إقناع النواب «بضرورة الموافقة على الانضمام إلى قيادة الحلف»، أن عدداً متزايداً من النواب والسياسيين، حتى في صفوف اليمين الحاكم، يعارضون هذه الخطوة، الأمر الذي دفعه للقول إنه لن يكون هناك تغيّر واقعي، إذا عادت فرنسا لتندمج كلياً في الحلف وفي قيادته، معتبراً «أن ذلك يزيد من قوة فرنسا والحلف». وأشار إلى أن فرنسا ستُمنَح مواقع مهمة في الحلف، وهذا سيقوّي من ركائز الدفاع الأوروبي عموماً.
ومن المتوقع أن يعلن قرار «العودة للاندماج» خلال قمة الحلف في نيسان المقبل، رغم وجود معارضة للفكرة من مختلف أطياف السياسة الفرنسية، وفي مقدمتهم «الديغوليون التاريخيون»، وخصوصاً رئيسا الوزراء السابقان ألان جوبيه ودومينيك دوفيلبان.
وفي السياق، رأى النائب في البرلمان جان ميشيل بوشورون، أن إعادة دمج فرنسا ستقضي على فكرة قوة الدفاع الأوروبية. وأضاف «لن يكون في مقدورنا أن تكون لنا قواتنا»، واصفاً المسألة بأنها «سياسية».
وأشار عددٌ من النواب إلى «أنهم غير مستعدين لهذا الاختيار بين عدم الوجود أو التبعية الكاملة لأميركا». ويطالب الكثير من النواب بإجراء استفتاء على الأمر، وهو ما يرفضه وزير الدفاع هيرفيه موران، الذي ذكّر بأن «ديغول انسحب من الحلف برسالة».
وأجاب على مخاوف النواب بالإشارة إلى أن «القرارات داخل الحلف تتخذ بالأكثرية»، مستطرداً «يكفي أن يرفع أحد الأعضاء إصبعه ليتوقف كل شيء». الأمر الذي يناقضه بعض الخبراء، الذين يرون أن الأمر يتجاوز المشاركة في العمليات القتالية، ليشمل «دمج الهيكلية الأساسية للنظم العسكرية المتبعة» وضرورة إجراء ما وصفه أحد الخبراء لـ«الأخبار»، بـ«ثورة في النظام المتبع في الجيش الفرنسي»، بالإضافة إلى دمج مركزية جمع المعلومات وتنسيقها، وبالتالي مسّها بـ«هرمية بناء المعلومة التي تقود إلى هرمية بناء القرار».
ويتخوّف البعض من «الانعكاسات التي يمكن أن تلحق الضرر بـ«الصناعة الحربية الفرنسية المستقلة»، وبالتالي جهوزيتها لتأمين «استقلالية القرارات السياسية»، وهذا يمكن أن يؤثر على «تمايز الدبلوماسية الفرنسية»، وهو ما دفع الجنرال ديغول عام ١٩٦٦ إلى الانسحاب من الحلف.
وجل ما يخشاه بعض الساسة الفرنسيين هو أن يؤدي اندماج فرنسا في الحلف إلى منعها من أن تكوِّن ثقلاً موازياً للسياسة الخارجية الأميركية. ولخص النائب عن الحزب الاشتراكي، بوشورون، هذا الشعور بقوله «قد ينظر إلينا كبريطانيا أخرى»، بينما طالب عضو حزب ساركوزي ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي، أكسيل بونياتوفسكي، بتصويت البرلمان على هذه المسألة. وقال إن «من المنطقي» أن يكون للنواب كلمة في هذا الأمر.