بعد 36 ساعة من المفاوضات المتوترة و47 سنة من الإبعاد القسري، وصلت الجمعية العامة لمنظمة الدول الأميركية إلى توافق إجماعي يقضي بسحب القرار الذي جمّد قرابة 5 عقود عضوية كوبا في المنظمة
بول الأشقر
توصلت الجمعية العامة لـ«منظمة الدول الأميركية»، في غياب وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي انسحبت من الاجتماع للالتحاق بالرئيس باراك أوباما في مصر، إلى توافق إجماعي يقضي بسحب القرار الذي جمّد قبل 47 سنة عضوية كوبا في المنظمة. وجرى تبني القرار بالإجماع داخل قاعة «النادي العربي» في مدينة سان بيدرو سولا الهندوراسية. وهو يتضمن نقطتين: الأولى تسقط القرار المتخذ عام 1962، والثانية تنص على «أن مشاركة كوبا في المنظمة ستكون حصيلة حوار بطلب من الحكومة الكوبية ووفقاً لممارسات المنظمة ومبادئها».
وخرج الجميع من الاجتماع بتفسيرات مختلفة، ففيما شدد الطرف الأميركي اللاتيني عموماً على عدم مشروطية عودة كوبا، على قاعدة أنّ القرار لم يذكر تبني «الشرعة الديموقراطية» التي كانت الولايات المتحدة تصرّ عليها، وأن القرار أصبح الآن بيد كوبا، فضلت الولايات المتحدة بواسطة كلينتون التركيز على أن «العودة ليست آلية» وعلى «إنجاز التوافق الذي حصل ودورها في بلورته»، من دون أن تتخلى عن جوهر موقفها، إذ قالت وزيرة الخارجية «إن كوبا تستطيع العودة إلى المنظمة في المستقبل، إذ قررت هذه الأخيرة أن مشاركتها تتوافق مع الأهداف والمبادئ التي تشمل الديموقراطية وحقوق الإنسان».
وفي أول تعليق لها على ذلك، أعلنت حكومة هافانا «أنّ كوبا لم تطلب ولا تنوي العودة إلى منظمة الدول الأميركية، وهي منظمة تاريخها أسود واستسلامي، إلا أنها تعترف بالقيمة التاريخية وبالرمزية وروح الانتفاضة التي سمحت بهذا القرار الذي حركته حكومات أميركا اللاتينية الشعبية».
غير أنّ الموقف الكوبي والأميركي لم يمنع فرح مندوبي أميركا اللاتينية بـ«الإنجاز التاريخي»، إذ تم الحديث عن «أبواب أميركا اللاتينية التي صارت المفتوحة» في عكس لعبارة «شرايين أميركا اللاتينية المفتوحة»، التي لجأ إليها الكاتب إدواردو غاليانو لوصف تدخل الولايات المتحدة في شؤون القارة.
ويبقى موقف كوبا التي تتوقف عليها كتابة الفصل القادم. ففي مقال سبق صدور القرار، كتب الزعيم الكوبي فيديل كاسترو في جريدة «غرانما» أنّ «المنظمة حصان طروادة لتدخل الولايات المتحدة. وإجهاض منظمة تحمل طموحات أميركا اللاتينية».
ويدل موقف كاسترو، كما الموقف الحكومي، على أن كوبا لا تنوي التسرع كي لا يتحول الموضوع إلى ورقة ضغط عليها والاستمرار في التركيز على الهوية الأميركية اللاتينية على حساب الانتماء الأميركي العام، وتوظيف التضامن الذي يحيط بها في المفاوضات الثنائية التي أوشكت على البدء مع الولايات المتحدة.