قادة المعارضة يستجيرون برجال الدين من «القمع والبربرية»تفجرت أمس خلافات محمود أحمدي نجاد مع أعضاء حكومته على خلفية تأخره في إقالة نائبه الأول اسفنديار رحيم مشائي، فأطاح الرئيس الإيراني بوزير الأمن، في الوقت الذي أعلن فيه قادة المعارضة رغبتهم في إحياء ذكرى ضحايا الاحتجاجات
قبل أقل من ثمانية أيام على نهاية مهام الحكومة الحالية، أقال الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، كلاً من وزير الأمن غلام حسين محسني أجئي، ووزير الثقافة والإرشاد الإسلامي محمد حسين صفار هرندي، إضافةً إلى وزيري الصحة كامران باقري والعمل والشؤون الاجتماعية محمد جهرمي. ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن «مصدر مطلع» قوله إن الإقالات جاءت إثر مشادة كلامية بين وزير الأمن ونجاد في اجتماع مجلس الوزراء يوم الأربعاء الماضي، بسبب تأخره في تنفيذ أوامر المرشد علي خامنئي وإقالة نائبه الأول اسفنديار رحيم مشائي. وأشار إلى أن هرندي أقيل للسبب نفسه، فيما لم تعط توضيحات عن أسباب إقالة الوزيرين الآخرين.
وفي وقتٍ لاحق، أکد مساعد الإعلام في مکتب نجاد، محمد جعفر محمد زاده، نبأ إقالة وزير الامن، نافياً الأنباء عن إقالة سائر الوزراء. وقال «إن المرجع الرسمي الوحيد لأخبار رئيس الجمهورية هو مکتب رئاسة الجمهورية، وإن الانباء التي تنقلها سائر المواقع في هذا السياق غير معتمدة».

«قادة المعارضة يطلبون إذناً لإحياء ذكرى أربعين قتلى التظاهرات
وتأتي هذه الإقالات بالتزامن مع تحديد عضو الهيئة الرئاسية لمجلس الشورى الإسلامي حميد رضا حاجي بابائي، الخامس من الشهر المقبل موعداً لأداء الرئيس اليمين الدستورية، وفي الوقت الذي تزايدت فيه حدة الانتقادات التي يتعرض لها نجاد من المحافظين الذين أخذوا عليه عدم تطبيقه الفوري لأوامر المرشد بإقالة مشائي وإبقائه قريباً من السلطة عبر تعيينه مدير مكتب الرئاسة فور إعلانه استقالته من منصب النائب الأول للرئيس.
ورأى موقع «رجاء نيوز» المحافظ أن «أنصار (نجاد) يستغربون تأخره (في إقالة رحيم مشائي) وسرعته في تعيينه في منصب سياسي آخر». وقال النائب المحافظ، أحمد توكلي، في صحيفة «جام ـــــ اي ـــــ جام»: «بعد رسالة المرشد الأعلى كان من واجب الرئيس أحمدي نجاد تطبيقها سريعاً».
في غضون ذلك، أعلنت وكالة «ايسنا» الإيرانية للأنباء أن الزعيمين المعارضين مير حسين موسوي ومهدي كروبي طلبا إذناً أمس من وزارة الداخلية لإقامة احتفال تأبيني في الذكرى الأربعين لسقوط قتلى من المعارضة خلال تظاهرات الاحتجاج على إعادة انتخاب نجاد.
وكتب موسوي وكروبي، في رسالتهما إلى وزارة الداخلية: «نعلمكم بأننا نرغب بإقامة احتفال في المصلى الكبير في طهران في الذكرى الأربعين للأحداث الحزينة». وأضافا: «لن تلقى خطب خلال الاحتفال التأبيني، وسيكتفي المشاركون بالاستماع إلى آيات من الذكر الحكيم».

تحديد الخامس من الشهر القادم موعداً لأداء الرئيس اليمين الدستورية
وكان قادة المعارضة قد طالبوا أول من أمس القادة الدينيين الإيرانيين بوضع حد «للقمع» الذي تمارسه السلطات منذ التظاهرات التي تلت الانتخابات الرئاسية. وجاء في البيان الموقع من موسوي وكروبي والرئيس السابق محمد خاتمي: «نحن ننتظر منكم يا كبار القادة الدينيين، أن تذكّروا السلطات بالتداعيات الوخيمة لعدم احترام القانون، وأن تمنعوها من مواصلة اللجوء إلى القمع في الجمهورية الإسلامية». واتهم قادة المعارضة الثلاثة النظام بـ«البربرية» ونددوا بـ«الأساليب المعتمدة في التحقيقات التي تذكّر بالمرحلة الظلامية للشاه».
وفي السياق، ذكرت صحيفة «اعتماد» الإصلاحية، أمس، أن طالبين إيرانيين اعتُقلا في تظاهرات الاحتجاج توفيا في السجن خلال اليومين الماضيين، أحدهما نجل مستشار المرشح الرئاسي الخاسر محسن رضائي.
وعلى الأثر، اتهم كروبي، في رسالة مفتوحة موجهة إلى وزير الأمن غلام حسين محسني ايجي، أفراد جهاز الاستخبارات الإيراني بأنهم يتعاملون مع المعتقلين باستخدام أساليب أكثر قسوة من التي يستخدمها الصهاينة في فلسطين المحتلة. وقال كروبي إن شبكة الاستخبارات «تحولت إلى أكثر الأدوات افتقاراً إلى الوضوح وأداة ترهيب لقمع الشعب»، وذلك بعدما أفاد شهود عيان بوقوع صدامات أول من أمس بين الشرطة الإيرانية وميليشيا الباسيج الدينية، ومئات من المتظاهرين المؤيدين للإصلاح في منطقة ساحة فاناك.
في المقابل، طالب رئيس مجلس الشورى الإسلامي، علي لاريجاني، السياسيين في البلاد بأن لا يمنحوا «العدو» مجالاً وفرصة دعائية. ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن لاريجاني قوله أمام مجلس الشورى، إن الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 حزيران الماضي أبرزت نموذجاً من التعايش الاجتماعي الديموقراطي الديني للنظام الإسلامي، «وليس من المستغرب أن يبذل الأعداء، وخاصة أميركا وإسرائيل، جهودهم للمساس بهذه المكانة وتشويهها».
وكان المرشد علي خامنئي قد وجه أول من أمس نداءً إلى الوحدة في البلاد، طالباً من مختلف المجموعات وضع خلافاتها جانباً والعمل معاً لدفع إيران إلى الأمام. وقال إن قضايا الأيام الأخيرة «لا يجب أن تكون سبباً لإيجاد الخلافات والانشقاق».
ونسبت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «ارنا» لخامنئي قوله «إن على الجميع أن يتعاونوا معاً بأخوّة وود، وأن يعملوا من أجل تقدم البلاد وتطورها». وأشار إلى ما وصفه بـ«محاولات أعداء الإسلام والقرآن للنيل من الوحدة الإسلامية وإشاعة التشاؤم بين أبناء الأمة الإسلامية إزاء أحدهم الآخر». ورأى «أنه ليس من المصلحة رفض الآخرين وطردهم في ما يخص القضايا من الدرجة الثانية وأن على الجميع أن يتعاونوا لبناء البلاد بأخوة وودّ».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، مهر، ارنا)

(أ ف ب)