رغم الإخفاقات المتتالية للموفدين الأميركيين إلى المنطقة، يبدو أن إدارة الرئيس باراك أوباما لم تيأس من محاولات إطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي تواصل مساعيها في هذا الاتجاه، في ظل مواصلة الاستيطان الإسرائيلي
واشنطن ــ محمد سعيد
تقدّم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، والمبعوث الأميركي لتسوية الصراع العربي الإسرائيلي جورج ميتشيل، الأسبوع المقبل تقريرهما إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما بشأن الجهود الخاصة باستئناف مفاوضات التسوية بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية. وقالت مصادر أميركية إن التقرير سيحمّل الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مسؤولية التوصل إلى قرار باستئناف المفاوضات.
وأكد مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي جيمس جونز «مثابرة» الولايات المتحدة على السعي إلى التوصل إلى سلام في المنطقة. وقال، في ندوة عقدت في واشنطن، «لا غموض عندنا، ونحن واضحون ومثابرون». وأضاف «حان الوقت للذهاب إلى ما هو أبعد من المباحثات التي تهدف فقط إلى تنظيم مفاوضات»، مشدداً على «أن إرادة الرئيس أوباما في تحقيق هذه الأهداف قوية لا تتزعزع، وسنثابر بكل إصرار» في هذا الاتجاه.
وأكد جونز «أن الرهان في هذا الصراع... يتمثّل في كرامة البشرية كلها وأمنها». وذكّر بهدف الولايات المتحدة المتمثّل في تجميد الاستيطان، وتحسين الأمن والمؤسسات في الجانب الفلسطيني، وفي الاعتراف الكامل من جانب الدول العربية بحق إسرائيل في الوجود والأمن. وأشاد بالجهود التي يبذلها ميتشل من أجل استئناف المفاوضات الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية، التي قال إن «الوقت قد حان لإعادة إطلاقها بلا شروط مسبّقة من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن وجود دولتين» فلسطين وإسرائيل.
ويرى مسؤولون ودبلوماسيون أن تصريحات جونز وعودة ميتشيل من آخر جولة له خالي الوفاض، تعكسان «تشاؤماً متزايداً» في فرص استئناف مفاوضات التسوية. ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين ومحلّلين فلسطينيين وإسرائيليّين قولهم إن «الأزمة السياسية الفلسطينية، والشكوك المتزايدة في الوساطة الأميركية تقلّصان بحدّة من فرص استئناف مفاوضات السلام في المستقبل القريب».
واستبعدت مصادر سياسية مطّلعة نجاح مساعي الرئيس أوباما في تحقيق هدفه، الذي كان قد أعلنه قبل أشهر، بإطلاق محادثات السلام بحلول نهاية العام الحالي، ولا سيما مع مجاهرة المسؤولين الإسرائيليّين بتأييد الاستيطان. فقد ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، أنه خلافاً للتعهدات الإسرائيلية لإدارة أوباما، فإنّ وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك يشجّع أعمال بناء جديدة وواسعة في 11 مستوطنة في الضفة الغربية جرى الشروع بها خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. ونقلت عن مصادر في مكتب باراك قولها إنه «في الأيام الأخيرة وصلَنا عدد من التقارير والشكاوى عن أعمال بناء غير مصدّق عليها، وقد توجّهنا إلى الإدارة المدنية (التابعة للجيش الإسرائيلي) من أجل أن تحقّق في الأمر، وسنتعامل بعد ذلك مع الموضوع».
لكن «هآرتس» أكدت أنه على أرض الواقع تظهر الأعمال لتنفيذ هذه المشاريع بوضوح، وخصوصاً أنها تمتدّ على مئات الدونمات، وأنها تجري في مستوطنات تقع شرق الجدار العازل. ولفتت إلى أن هذه الأعمال ليست جزءاً من أعمال بناء 2500 وحدة سكنية، التي توصّل باراك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تفاهمات مع أوباما بشأن مواصلة بنائها.
إلى ذلك، ذكر دبلوماسيون إسرائيليون وأميركيون أن مندوبة أميركا لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، ستزور إسرائيل الأسبوع المقبل للمشاركة في مؤتمر ينظّمه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز.