جدّدت صنعاء أمس عزمها على ملاحقة عناصر «القاعدة» على أرضها، طالبةً المزيد من الدعم الأميركي لمكافحة التنظيم بعد تبنيه محاولة تفجير طائرة ركاب أميركية، في الوقت الذي أنحى فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما باللائمة في الهجوم على «فشل بشري ونظامي»اندلعت أمس اشتباكات بين القوات اليمنية وعناصر من تنظيم «القاعدة» في غرب البلاد أثناء محاولة السلطات القبض على عدد من عناصر التنظيم، بالتزامن مع استعدادات أميركيّة يمنية لتنفيذ هجوم انتقامي محتمل، رداً على محاولة تفجير الطائرة الأميركية فوق ديترويت، التي نفذها النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب.
وكشف مصدر أمني يمني، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، عن أن الاشتباكات وقعت في منطقة دير جابر شمال مدينة باجل في الحديدة، غرب اليمن. وأوضح أن العملية أدّت إلى «إصابة عدد من أعضاء المجموعة بجروح». ولمّح إلى أنه ربما أُلقيَ القبض على أحد عناصر «القاعدة».
في هذه الأثناء، أكد وزير الإعلام اليمني، حسن اللوزي، أن «الحكومة تتبنى خطة محكمة لمواجهة الخلايا والعناصر الإرهابية وملاحقتهم»، فيما أوضح وزير الخارجية اليمني، أبو بكر القربي، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أمس، أن الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي يمكن أن تفعل «الكثير» لمساعدة اليمن على مكافحة ناشطي «القاعدة».
وعن عدد عناصر التنظيم في اليمن، قال القربي: «لا أستطيع إعطاء رقم محدد، لكنهم قد يكونون مئات، بين مئتين و300».
كذلك، طلب مسؤول أمني يمني أمس من الولايات المتحدة «تعزيز التعاون في مجال المعلومات»، مؤكداً أن العمليات العسكرية «نقوم بها نحن اليمنيين». ورفض المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، «الكشف عن الأهداف التي ندرس إمكان ضربها»، في معرض تعليقه على ما نقلته شبكة «سي أن أن» الأميركية عن أن واشنطن وصنعاء تبحثان عن أهداف جديدة لتنظيم «القاعدة» في اليمن لتنفيذ هجمات انتقامية محتملة عليه، إذا أمر الرئيس الأميركي بذلك.
لكن أحد المسؤولين الأميركيين أوضح أن اليمن لم يوافق بعد على أن تقوم القوات الأميركية الخاصة بتنفيذ عمليات إنزال من مروحيات لمحاولة اعتقال مشتبه فيهم للتحقيق معهم.
كذلك أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، برايان ويتمان، إلى أن الكثير من المساعدات التي تقدم إلى صنعاء تكون سرية. وكشف عن أن برنامج المعونة المعلن الذي يقدمه «البنتاغون» لليمن لمكافحة الإرهاب زاد من 4.6 ملايين دولار في 2006 إلى 67 مليون دولار في عام 2009.
في هذه الأثناء، أنحى أوباما باللائمة في حادث الطائرة على ما سمّاه «فشل بشري ونظامي». وقال، للصحافيين من هاواي حيث يقضي إجازته: «من الواضح أن مزيجاً من الفشل البشري والنظامي أسهم في هذا الخرق المفجع المحتمل للأمن». وأكد حرصه «على أن تكون أجهزة الاستخبارات والشرطة والأمن القومي وأعضاؤها يعملون بفعالية ويحاسبون». وأوضح أنه «كانت هناك أجزاء من المعلومات متوافرة داخل أجهزة الاستخبارات كان لا بد من تجميعها معاً».
وفي السياق، كشف مسؤول في الإدارة الأميركية أن أحدث المعلومات تشير إلى تورط «القاعدة»، فيما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أن «الإدارة الأميركية كان لديها معلومات عن أن قادة في القاعدة في فرع اليمن ناقشوا موضوع نيجيري أُعدّ لتنفيذ هجوم إرهابي».
ويؤكد مسؤولون عسكريون واستخباريون أميركيون أن شبكة «القاعدة» في اليمن لديها قيادة منظمة ونفوذ يتنامى منذ العام الماضي، وأن التنظيم في جزيرة العرب حوّل نفسه من تهديد إقليمي إلى ما تعدّه وكالات الاستخبارات الأميركية أنشط أجنحة «القاعدة» خارج باكستان وأفغانستان بطموحاته العالمية. ويبحث المسؤولون اليمنيون والأميركيون في إمكان أن يكون عبد المطلب قد خضع للتدريب في أحد معسكرات «القاعدة» التي تنتشر في اليمن.
في موازاة ذلك، ذكرت وسائل الإعلام الأميركية أن عبد المطلب كان عضواً مواظباً في منتديات إسلامية على الإنترنت وعبّر عن «أحلامه الجهادية» برؤية المسلمين «يحكمون العالم»، وأنه كتب منذ عام 2005 نحو 310 رسائل على منتديات حوار إسلامية.
إلى ذلك، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس عن مسؤول في الاستخبارات الإسرائيلية قلق الدولة العبريّة من تحول اليمن إلى عاصمة «الإرهاب» في الشرق الأوسط. وأشار المسؤول إلى أن «الدمج بين التطرف الإسلامي ودولة كبيرة المساحة موجودة في موقع استراتيجي والاهتمام الذي يبديه فيها تنظيم القاعدة وإيران، يجعل اليمن مكاناً تكمن فيه قدرة على التسبب بأضرار للعالم كله».
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)