كوبنهاغن ــ بسام القنطار اتّضحت الصورة الحقيقية أمس للمفاوضات التي تخوضها ١٩٣ دولة منذ أسبوعين في كوبنهاغن من أجل التوصل إلى اتفاق جديد يتعلق بالمناخ. فجأة نسي الجميع خلافاتهم وفشل كبار مفاوضيهم في الوصول إلى اتفاق الحد الأدنى في قضايا شائكة ومعقّدة وخلافية. فسحة الأمل المزيفة ظهرت مع وصول وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى «بيلا سنتر» وإعلانها استعداد بلادها المساهمة في صندوق للمناخ يقدم سنوياً ١٠٠ مليار دولار لمساعدة الدول الفقيرة.
ورغم أن كلينتون لم تحدد قيمة المساهمة الفعلية للولايات المتحدة في هذا الصندوق، إلا أن هذا الإعلان أعطى دفعة سياسية لمحادثات الأمم المتحدة، التي تهدف إلى الاتفاق على عدد من الإجراءات الأخرى، مثل حماية الغابات المطيرة ودعم أسواق الكربون وزيادة خفض الانبعاثات المسبّبة للاحتباس الحراري في العالم.
وقالت كلينتون إن أي مساهمة أميركية في صندوق المناخ تعتمد على تحمل الدول النامية مسؤولياتها في الحدّ من زيادة الانبعاثات بموجب معاهدة جديدة ستحل محل برتوكول كيوتو بعد عام 2012. وقالت إنه ما لم تلتزم الدول النامية، وخصوصاً الصين، بالشفافية بشأن خفضها للانبعاثات فإن الاتفاق سيفشل.
وتزامن التصريح الأميركي مع ليونة من قبل قادة القارة السوداء، حيث أيد رئيس مجموعة الدول الأفريقية رئيس الوزراء الأثيوبي ملس زيناوي رقم الـ ١٠٠ مليار دولار، بمباركة ودعم من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. وتعدّ هذه الخطة المالية أقل بكثير من مطالب الدول النامية، لكنها تتماشى مع مقترح سابق للاتحاد الأوروبي، ما دفع أكثر إلى رمي الكرة في الملعب الصيني، وشكل اختراقاً واضحاً لمجموعة دول الـ ٧٧ التي باتت مشتتة أكثر من أي وقت مضى. كذلك قام محتجّون أفارقة بتجمّع، خارج مركز المؤتمر، شارك فيه ممثلون رسميون عن غالبية الدول الأفريقية، من أجل الضغط باتجاه قبول الخطة التي طرحها زيناوي.
واكتفت الصين أمس بعقد مؤتمر صحافي، لم يتضمّن موقفاً واضحاً من الاقتراح الأميركي. وقال سفير الصين للتغيّر المناخي يو شينغ تاي إن «محادثات كوبنهاغن أهم من أن تفشل». وأضاف «لا ترغب الصين في أن تكون طرفاً في مساعي بعض الناس لمحاولة إلقاء اللوم على دول أخرى».
بدوره، اتهم وزير البيئة الهندي، جيرام راميش، الدول الغنية بالتخطيط لإطلاق «حملة دعائية» لتحميل البلدان الفقيرة المسؤولية عن أي انهيار للمحادثات. وقال «إنها فقط مسألة وقت قبل أن تبدأ لعبة اللوم».
مواقف، ردّ عليها المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس، بمطالبة الصين بأن تقدم تنازلات من أجل تلبية مطلب الولايات المتحدة بالشفافية. وقال إنه «إذا ثبتت صحة تقارير تفيد بأن الصين ستحجم عن الانضمام إلى اتفاق المناخ، فإن الولايات المتحدة تأمل أن تعيد النظر في ذلك». ويتوقع أن تكون المواجهة الصينية ـــــ الأميركية على أشدها اليوم، إذ يستعد رئيس الوزراء الصيني وين جياباو والرئيس الأميركي باراك أوباما لتقديم خطابات حاسمة تحدد المصير النهائي للقمة.
من جهتها، سعت الدولة المضيفة إلى الانسحاب بشرف من «لعبة الإقناع»، فتخلى رئيس الوزراء الدنماركي لارس راسمسون عن خطته لتعيين مجموعات صغيرة من الدول للنظر في نصوص معقدة تتضمن قائمة طويلة من الخيارات.
وفي مقابل التفاؤل الذي شكلته مبادرات التمويل الطويل الأجل، غابت المسودات التي طرحت في السابق عمّا يتعلق بالأرقام المرتبطة بخفض الانبعاثات من غازات الدفيئة بحلول 2020، والتي تقل بقدر كبير عن نسب الـ 25 في المئة إلى 40 في المئة، التي أوصى بها العلماء.