بول الأشقرحسم المجلس الدستوري الكولومبي المعضلة السياسية التي كانت تعطّل الحياة السياسية الكولومبية منذ أكثر من سنتين، ودفن مساء الجمعة الماضي بسبعة أصوات مقابل صوتين مشروع الاستفتاء الشعبي، لمعرفة ما إذا كان للرئيس ألفارو أوريبي الحق في الترشح إلى ولاية ثالثة.
وبعد أن رصدت خمس مخالفات في العريضة الشعبية المقدمة إليه وفي مسارها التشريعي اللاحق، رأى أنه «يخرق مبدأ فصل السلطات ويهدّد نظام الأوزان والأوزان المضادة في البنيان الدستوري». وبذلك لن يشارك ألفارو أوريبي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، المحدد موعدها بعد ثلاثة أشهر. ويشار إلى أن الدستور الكولومبي يمنع التجديد ويمنع أيضاً إعادة الترشح لرئيس سابق. وكان قد عُدّل الدستور عام 2006 بواسطة استفتاء شعبي، ما أجاز لأوريبي الترشح «لمرة واحدة» إلى ولاية ثانية.
وقبل الرئيس الكولومبي فوراً القرار الدستوري دون تسميته، معلّقاً «سأخدم وطني من أي موقع كان، وذلك حتى آخر يوم في حياتي».
وكان أوريبي خلال السنتين الأخيرتين يشجّع الجهود للقيام بالاستفتاء دون أن يتبنّاه رسمياً، إذ لم يعارضه يوماً، وحاول توظيف انتصاراته على «الفارك» لمصلحته، ونظّر لـ«أن دولة الرأي العام هي المستوى الأعلى من دولة القانون»، في محاولة لتوظيف شعبيته العالية لمصلحته. إلا أن القرار القضائي لم يماشه في هذا التفسير، ما جعل مجلة «سيمانا» المستقلة تعنون «هزمت دولة القانون دولة الرأي العام».
إلا أنه في الآونة الأخيرة، بدأت شعبية أوريبي تتراجع إثر تجدّد هجمات منظمة «الفارك»، وعودة مجموعات الباراميليتاريس اليمينية لارتكاب جرائمهم، وتزايد العنف في المدن الكبرى، وتزايد الفضائح في صفوف أكثريته البرلمانية وإدارته، وانهيار نظام الضمان الصحي لدرجة أن الاستطلاعات الأخيرة لم تعد تستبعد أن يخسر الاستفتاء للترشح، مع أن انتخابه إذا أجيز له الترشح بقي أكثر من مرجّح.
والآن تدخل كولومبيا في مرحلة جديدة ضبابية بعد ثماني سنوات من «الأوريبية». ولن تتحدد معالم المعركة الرئاسية إلا بعد الانتخابات البرلمانية التي ستجري في 14 آذار، وقبل أن يعرف من هم المرشحون، إذ سيقيم عدد من الأحزاب انتخابات داخلية لتحديد من سيمثّلها في هذا اليوم. وبدأت تُكتب الآن صفحة بيضاء، ومن المرجّح أن تنحصر المنافسة في النهاية بين كتلة «أوريبية من دون أوريبي» تبقى قوية في كل الأحوال، ومرشح يحمل طموحات المعارضة للـ«أوريبية». ويجمع المحلّلون على أنّ أياً كان الفائز في النهاية، فلن ينتخب في 30 أيار، لأن أيّاً من المرشحين لن يحصل على أكثرية مطلقة، ولن تتبلور صورة كولومبيا الجديدة إلا بعد دورة ثانية.