مهندس كمبيوتر ينتقم من الضرائب بصدم مبنى حكوميبعد طائرة ديترويت، جاء دور طائرة تكساس لتشغل الولايات المتحدة. هدفا منفّذي العمليتين قد يكونان مختلفين، لكنهما يبقىان في إطار «رعب الطائرات» الذي خلّفته أحداث 11 أيلول

واشنطن ــ الأخبار
عاشت الولايات المتحدة أمس مشهداً يذكّر بأحداث الحادي عشر من أيلول، عندما اصطدمت طائرة صغيرة بمبنى يضم مكاتب حكومية، بينها مكاتب لوكالة الاستخبارات المركزيّة (سي آي إيه) ومكتب التحقيقات الاتحادي (أف بي آي) في مدينة أوستن، عاصمة ولاية تكساس الجنوبيّة.
المشاهد الأوّليّة للحادث أعادت إلى الأذهان صور اصطدام الطائرتين بمركز التجارة العالمي في نيويورك، ولا سيما لجهة كثافة النيران التي كانت تندلع من المبنى المؤلّف من سبع طبقات، ولجوء بعض من كانوا فيه إلى القفز من النوافذ بعدما حاصرتهم النيران.
مشهد «11 أيلول الجديد» لخّصته ميشيل سانتيبانز، التي كانت تجلس في مكتبها الذي يبعد نحو نصف ميل عن المبنى المستهدف. قالت إنها شعرت بذبذبات الارتطام، وهرعت مع زملائها إلى النوافذ، حيث كان المشهد مشابهاً لاعتداء عام 2001. وتضيف «كان السيناريو نفسه، مع تساقط إطارات النوافذ والطاولات، وتطاير الأوراق».
وقالت سنثيا، التي كانت في مبنى مجاور، «اهتزّ المبنى، وبدا كأنه زلزال». وعندما خرجت سنثيا وزملاؤها من المبنى، رأت أشخاصاً يركضون باتجاه المبنى الذي صدمته الطائرة.
أضافت «كان هناك أشخاص في الطبقة الثانية. كانوا عاجزين عن الخروج. كانوا يتدلّون من النوافذ ويصرخون طلباً للنجدة». غير أن تفاصيل الحادث تبدو مختلفة كليّاً، رغم أن الاصطدام يبدو مقصوداً من الطيّار، الذي عُرّف عنه باسمه جوزف أندرو ستاك، وقد أكد مسؤولون أمنيون مقتله. وأضافوا أنه كان قد نشر رسالة على الإنترنت تفيد بأنه يعتزم الانتحار احتجاجاً على مصلحة الضرائب الأميركية، التي يقع مكتبها في المبنى الذي ارتطمت به الطائرة. وبحسب المسؤولين، فإن ستارك كتب في رسالته، مستهزئاً من مصطلحات العدالة والحرية في الولايات المتحدة، قائلاً «إنهم يغسلون عقول الناس بهذه المفاهيم غير الموجودة في أميركا». وكان ستارك قد قام بإحراق منزله عن عمد أثناء وجود زوجته وابنته فيه، قبل أن يستقل الطائرة. وقالت مصادر إعلامية إن الشرطة في منطقة سكن العائلة تلقّت شكوى تفيد بحدوث شجار عنيف بين الرجل وزوجته، التي أُنقذت في وقت لاحق مع الطفلة من الحريق. وقالت الوكالة الفدرالية للطيران إن ستاك، الذي يعمل مهندس برمجة كمبيوتر، سرق الطائرة من مطار جورج تاون (شمال أوستن)، ولم يتلقّ الإذن بالطيران من هذا المطار الصغير جداً، في المدينة، الذي لا يحظى عادة بحراسة مشدّدة.
وقال شهود عيان إن ستاك حلّق على علوّ منخفض بالطائرة، لدرجة أنه كان في الإمكان رؤية وجهه. وقال أشخاص كانوا على مقربة من المبنى المستهدف إنهم استغربوا تحليق هذه الطائرة على هذا العلوّ، وظنّوا أن الأمر في إطار أداء استعراضي، ولا سيما أن الرجل لم يكن يظهر عليه عدم قدرته على التحكّم في الطائرة. المعلومات الأوّلية لم تشر إلى سقوط ضحايا في الحادث. وقال مسؤولون وشهود إنه نُقل أربعة أشخاص إلى المستشفى، وصنّف واحد فقط في عداد المفقودين. وأوضحوا أنه جرى إخلاء جميع العاملين في المبنى.
وقال شهود عيان إنه صودف وجود شاحنة لأحد معامل الزجاج قرب المبنى، فاستُعين بسلّم وضع على الشاحنة لإنزال الموظفين من الطبقات المحترقة، وهما الطبقتان الثانية والثالثة.
وبعد الحادث، سارع المسؤولون الأميركيون إلى نفي الشبهة الإرهابية عنه. وقال الناطق باسم وزارة الأمن الداخلي الأميركي، مات تشادلر، إنه «لا سبب للاعتقاد بأن هناك علاقة بنشاط إرهابي أو إجرامي». وأضاف «نحن في طور التنسيق مع المسؤولين في الولاية وغيرهم من الشركاء الفدراليين لجمع المزيد من المعلومات».
المفارقة كانت أن الحادث لم يشغل اهتمام وسائل الإعلام الأميركية، التي ركّزت على اللقاء الذي كان يجري في الوقت نفسه بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والزعيم الروحي للتيبيت الدالاي لاما.