خاص بالموقع - رحّب رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، اليوم باتفاق حزبَي إيرلندا الشمالية، الكاثوليكي والبروتستانتي، على تقاسم السلطة في إطار عملية السلام، ما يفتح الباب أمام «صفحة جديدة» في تاريخ إيرلندا الشمالية.وأعلن براون أن النقل الفعلي للسلطة القضائية والشرطة من لندن إلى بلفاست، الذي كان في صلب محادثات شاقة استمرت أسبوعين، بين حزب الشين فين الكاثوليكي، والحزب الديموقراطي الوحدوي البروتستانتي، سيبدأ من 12 نيسان.
وصرح براون خلال عرضه تفاصيل الاتفاق خلال مؤتمر صحافي، وإلى جانبه رئيس الوزراء الإيرلندي براين كوين، وممثلون عن الأحزاب المحلية «سنطوي الصفحة الأخيرة من تاريخ طويل ومضطرب، وسنفتح صفحة جديدة لإيرلندا الشمالية». وأوضح أن الحكومة البريطانية ستوفّر 800 مليون جنيه استرليني (920 مليون يورو) لتمويل نقل السلطة.
وبدورها رحّبت الولايات المتحدة، على لسان وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون، بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه أمس. وقالت كلينتون، «اليوم خطت إيرلندا الشمالية خطوة مهمة نحو سلام كامل ودائم. وأريد أن أرحّب بقرار الأطراف اختيارهم التفاوض على حساب المواجهة». وأضافت إن حزبي الشين فين والوحدوي البروتستانتي، قدما برهاناً عن نوع القيادة التي يستحقها الشعب الإيرلندي.
ومن جهته، صرح رئيس حكومة إيرلندا الشمالية بيتر روبنسون، الذي أيّد حزبه الوحدوي الاتفاق أمس، أن «هذا الاتفاق هو الدليل الأكيد على أننا لن نعود إلى الماضي المظلم». أما زعيم الشين فين، جيري أدامز، فرحّب بـ«الفرصة العظيمة والروح الجديدة التي ستسمح لنا جميعاً بالتقدم».
إلا أن روبنسون الوحدوي ونائبه الجمهوري مارتن ماكغينس، القائد السابق للجيش الجمهوري الإيرلندي، رفضا الدعوة إلى مصافحة رمزية أمام الصحافيين. ويتقاسم الحزبان الكاثوليكي والبروتستانتي السلطة التنفيذية منذ 2007 في مجالات عدة، مثل التعليم والصحة، باستثناء الشرطة والقضاء، اللذين كانا تحت إشراف لندن بسبب حساسيّتهما.
وينص الاتفاق على إقامة منصب وزير للعدل سيتولّى مسؤولية الشرطة والعدل في المقاطعة. ومن المفترض أن يتولى هذا المنصب ممثل عن حزب صغير من الطائفتين. كما سيُستحدث منصب مدعٍ عامّ سيكون بمثابة المستشار القضائي الرئيسي للسلطة التنفيذية. ويمثل الاتفاق واحدة من أكثر الخطوات جرأةً نحو ترسيخ اتفاق «الجمعة العظيمة» لعام 1998.
وشهدت الشرطة في إيرلندا الشمالية إصلاحاً كبيراً بعد إزالة شرطة «رويال ألستر كونستانبولاري»، التي كانت تتألف خصوصاً من شرطيّين بروتستانت، ويحتج عليها الناشطون الجمهوريون. أما الشرطة الجديدة، فربع أعضائها من الكاثوليك.
وينص الاتفاق أيضاً على تسوية بشأن تنظيم المسيرات البروتستانتية التقليدية «البرتقالية» ـــــ التي تحتفي بالانتصار على الكاثوليك في حرب تعود إلى القرن الـ17ـــــ التي تثير باستمرار مواجهات بين الطائفتين. وكان من شأن فشل المفاوضات بين البروتستانت والكاثوليك أن يؤدّي إلى انتخابات جديدة في المقاطعة ذات الاستقرار السياسي الهش، وأن يقضي على عملية السلام التي وضعت حداً لثلاثة عقود من العنف الطائفي راح ضحيتها 3500 قتيل على الأقل.
ويشار إلى أن روبنسون استعاد مهمّاته الأربعاء بعد تعليق مؤقت بسبب خضوعه لتحقيق داخلي بشأن تحويلات مالية مفترضة، إثر إقامة زوجته إيريس علاقة عاطفية مع شاب يصغرها سناً. وجرت تبرئته من أيّ شبهات.
ولا تزال إيرلندا الشمالية تشهد أعمال عنف متفرقة. ففي العام الماضي قُتل شرطيان وجنديان بالرصاص في هجمات أعلن انفصاليون جمهوريون مسؤوليتهم عنها، كما بُترت ساق شرطي عند انفجار سيارته في كانون الثاني الماضي.
(أ ف ب، رويترز، أ ب)