واشنطن ـــ محمد سعيدخاص بالموقع - دعا المستشار الأسبق للرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، زبيغينيو بريجنسكي، الرئيس باراك أوباما إلى طرح خطة سلام واضحة لتسوية الصراع العربي ــ الإسرائيلي، وذلك عبر زيارة القدس المحتلة بصحبة زعماء عرب.
اقتراح بريجنسكي جاء في مقال نشره بالمشاركة مع العضو السابق في مجلس النواب الأميركي عن ولاية نيويورك ستيفن سولارز في صحيفة «واشنطن بوست»، كتب فيه: «قبل أكثر من 3 عقود مضت، أعلن رجل الدولة الإسرائيلي موشيه ديان في حديثه عن بلدة مصرية كانت تسيطر عليها إسرائيل وتعد منفذها الوحيد إلى البحر الأحمر، أنه يفضل أن تسيطر إسرائيل على شرم الشيخ من دون سلام، على أن يكون هناك سلام من دون السيطرة على شرم الشيخ».
وكان سولارز (صهيوني أميركي)، الذي يعمل حالياً عضواً في مجلس إدارة مجموعة الأزمات الدولية، من أشد الموالين للدولة العبرية خلال وجوده في مجلس النواب الأميركي.
وأوضح الكاتبان في مقالهما الذي نُشر في عدد يوم الأحد، أنه «لو كانت وجهة نظره هذه قد سادت، لظلت إسرائيل ومصر في حالة حرب»، مضيفين أنّ «رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وتصريحاته بشأن عاصمة أبدية موحدة لإسرائيل، تعبّر عن نسخة محدَّثة لعقيدة ديان بأنه يفضل أن يسيطر على كل القدس من دون سلام على أن يحقق سلام من دون كل القدس».
وقال بريجنسكي وسولارز إنّ «هذا أمر مؤسف لأن اتفاق سلام شامل هو في مصلحة جميع الأطراف، فهو يصبّ في المصلحة الوطنية للولايات المتحدة، نظراً لأن احتلال الضفة الغربية والعزلة المفروضة على قطاع غزة يزيدان من استياء المسلمين تجاه الولايات المتحدة، ما يجعل تحقيق أهداف حكومة أوباما الدبلوماسية والعسكرية في المنطقة أكثر صعوبة».
وأكدا أنّ السلام هو أيضاً في مصلحة إسرائيل، مستدلين بما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك عن أن عدم وجود حل الدولتين هو أكبر تهديد لمستقبل إسرائيل، بل حتى أكبر من قنبلة إيران.
غير أن كاتبي المقال ذكرا أن الكشف الروتيني عن اقتراح أميركي للسلام لن يفي بالغرض، ولا يمكن إلا لمبادرة جريئة ومثيرة مع استعداد قوي وتاريخي، يمكن أن يعطي دفعة سياسية ونفسية لازمة لتحقيق تقدم كبير. ورأيا أن «الرحلة الشجاعة التي قام بها (الرئيس المصري الراحل) أنور السادات إلى القدس قبل 3 عقود، مهّدت الطريق أمام اتفاقات كامب ديفيد بين إسرائيل ومصر».
وتابعا: «وبالمثل يتعين على الرئيس الأميركي باراك أوباما السفر إلى الكنيست في القدس والمجلس التشريعي الفلسطيني في رام الله لدعوة كل من الجانبين للتفاوض على اتفاق للوضع النهائي استناداً إلى إطار عمل محدد من أجل السلام، وينبغى له أن يفعل ذلك بالشراكة مع زعماء عرب وأعضاء اللجنة الرباعية»، مضيفين «كما أن خطاباً لاحقاً من جانب أوباما في البلدة القديمة في القدس، موجهاً إلى جميع الناس في المنطقة، يعيد إلى الأذهان خطابه في جامعة القاهرة إلى العالم الإسلامي في حزيران من العام الماضي، يمكن أن يكون حدثاً متوجاً في هذه الرحلة من أجل السلام».
وأوضح الكاتبان أنّ الخطوط العريضة الأساسية لخطة سلام دائم وشامل، التي يمكن أن يقدمها أوباما، معروفة للجميع: أولاً، إيجاد حل لمشكلة اللاجئين التي تنطوي على التعويض وإعادة التوطين في دولة فلسطينية لكن ليس في إسرائيل، وهذا هو دواء مر للفلسطينيين، لكن إسرائيل لا يمكن أن تتوقع انتحاراً سياسياً من أجل السلام.
وثانياً، تقاسم حقيقي للقدس عاصمةً للدولتين، ونوع من الترتيب الدولي للبلدة القديمة، وهذا هو دواء مر بالنسبة إلى الإسرائيليين لأنه يعني قبول أن الأحياء العربية في القدس الشرقية ستصبح عاصمة لفلسطين.
وثالثاً، تسوية إقليمية على أساس حدود عام 1967، مع تعديلات حدودية متبادلة ومتساوية للسماح بدمج أكبر المستوطنات في الضفة الغربية إلى الدولة العبرية. ورابعاً، دولة فلسطينية منزوعة السلاح مع قوات من الولايات المتحدة أو من حلف شمالي الأطلسي على طول نهر الأردن لتوفير قدر أكبر من الأمن لإسرائيل.
وأوضح بريجنسكي وسولارز أنّ معظم هذه الخطوط أُقرّت فى خطة السلام العربية لعام 2002(المبادرة العربية لا تتضمن دولة فلسطينية منزوعة السلاح)، وفي الخطة التي وضعتها اللجنة الرباعية، وكذلك العناصر الأساسية التي تبنّاها وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك وأخرى من رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق إيهود أولمرت.
وبالنسبة إلى الإسرائيليين الذين يتشككون في رغبة الفلسطينيين والعرب في صنع السلام معهم، فإن الكاتبين ينظران إليها بمثابة «مبادرة جريئة من أوباما ستعطي تعبيراً كبيراً عن آفاق السلام الحقيقية، ما يجعل من السهل على القيادة السياسية في إسرائيل، إجراء التفاهمات اللازمة من أجل التوصل إلى حلول وسط.
وبالنسبة إلى الفلسطينيين، كما يروج الكاتبان، سيوفر ذلك غطاءً سياسياً لقبول قرار يحول دون عودة عدد كبير من اللاجئين إلى إسرائيل. فالقادة الفلسطينيون يعرفون بالتأكيد أنه لا اتفاق سلام سيكون ممكناً من دون التخلي عما كان العديد من الناس يعدّونه مبدأً مقدساً، هو حق العودة، والقيادة يمكن أن تقدم على مثل هذا التحول في سياق اتفاق شامل من شأنه أن يقيم دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وتحظى بدعم دول عربية أخرى.
وبالنسبة إلى الدول العربية، فإن ذلك سيضفي شرعية على مبادرتها الدبلوماسية الخاصة، التي تضمنتها خطة السلام التي طرحتها الجامعة العربية قبل 8 سنوات، وعلاوة على ذلك، فإن تأييدها لأوباما في الجهد من شأنه أن يكون إسهاماً حيوياً فى حل النزاع.
وأخيراً بالنسبة إلى أوباما نفسه، فمثل هذه الخطوة، كما يقول الكاتبان «ستكون بمثابة انتصار دبلوماسي وسياسي»، مشيرين إلى أن «إحضار أوباما للقادة العرب واللجنة الرباعية معه إلى القدس ورام الله لتأييد خطته، سيكون مثالاً قوياً في التعامل مع الصراع الذي طال أمده»، ونظراً لأنّ من غير المتصوَّر أن ترفض الحكومة العبرية عرضاً من أوباما لجمع القادة العرب واللجنة الرباعية في ما تعدّه عاصمتها، فإنه يمكن توقُّع أن معظم أصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة سيرحبون بهذا التحرك أيضاً.