فيما تبقى جميع احتمالات تأليف الحكومة العراقية مفتوحة، تنقسم الآراء على دور واشنطن، بين من يرى غياباً أميركيّاً أو حضوراً قوياً، لكن بعيداً عن الإعلام
بغداد ــ زيد الزبيدي
انقسمت المواقف العراقية أمام ما يراه البعض «غياباً أميركياً طوعياً» عن المفاوضات الصعبة لتأليف الحكومة المقبلة، وما يردّ البعض الآخر باعتباره غياباً إعلامياً فقط.
لكنّ رواية الغياب لا تبدو مقنعة، في ظل دوران جميع الكتل المشاركة في العملية السياسية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، في الفلك الأميركي. ويزيد من ضعف حجة هذا الغياب، ما كشف عنه قيادي في «الائتلاف الوطني الموحد»، أمس، عن أنّ مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، جيفري فيلتمان، موجود حالياً في بغداد، يقود خلف الكواليس، مفاوضات لجمع ائتلافي «دولة القانون» ورئيسه نوري المالكي، مع «العراقية» برئاسة إياد علاوي، لتقاسم السلطة في ما بينهما.
فيلتمان في بغداد لقيادة مفاوضات تقاسم المالكي وعلاوي السلطة
ونقلت فضائية «العراقية» الرسمية، عن القيادي في «المجلس الأعلى الإسلامي الأعلى»، الشيخ همام حمودي، أنّ فيلتمان يعتقد أنّ هذين الكيانين «يمكن أن يتقاسما السلطة، ولا ضرر في تغيير بعض أسس الدستور، أو تجاوزه، أو اتفاق على صيغة دستورية لتقاسم هذه السلطة بينهما». ودفعت حالة الاستعصاء، التي أعقبت الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وشلل التحالفات التي يُفترض أن تمهّد لتأليف الحكومة، إلى تساؤل الأوساط السياسية والمراقبين عن الدور الأميركي على الساحة السياسية حالياً، وخصوصاً أن الحكومة المقبلة ستشهد انسحاب قوات الاحتلال في نهاية العام المقبل، بموجب الاتفاقية الأمنية.وكانت صحيفة «لوس أنجلس تايمز» قد نقلت عن ممثل إقليم كردستان العراق لدى واشنطن، قباد جلال الطالباني، انتقاده إدارة الرئيس باراك أوباما لعدم فعلها «ما يكفي لإنهاء المأزق السياسي الراهن، ومحدودية جهود المسؤولين الأميركيين في تأليف الحكومة». انتقاد أضاف الطالباني إليه أنّ «المسؤولين الأميركيين بقوا على الهامش إلى حد كبير، فيما غالبية الدول المجاورة للعراق، وبينها إيران والسعودية وسوريا وتركيا، تتدخل بقوة في السياسة العراقية». إلا أنّه بالنسبة إلى مراقبين كثيرين، فعلت واشنطن فعلتها في العراق عندما «جرى احتواء قرارات هيئة المساءلة والعدالة، وأعيدت أصوات الذين اجتثوا إلى قوائمهم، كذلك وقف اجتثاث المرشحين الفائزين التسعة».
غير أنّ كل ذلك لا يكفي وفق عضو ائتلاف «دولة القانون» عبد الهادي الحساني، بما أنّ «أميركا، لو أرادت أن تضغط لمصلحة جهة معينة لفعلت ذلك منذ اليوم الأول بعد الانتخابات البرلمانية». من جهته، يرى عضو التحالف الكردستاني محسن السعدون أنّ «تدخل واشنطن في قضية تأليف الحكومة، سيحصل في النهاية إذا عجز القادة العراقيون عن التوصل إلى حلول واضحة ومقبولة من الجميع»، داعياً «الساسة العراقيين إلى حل القضية من دون تدخل خارجي». ويرى المحلل السياسي إبراهيم الصميدعي أنّ الدور الأميركي في تأليف الحكومة «سيكون واضحاً بعد تصديق المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات البرلمانية»، مشيراً إلى أن واشنطن «كانت تنظر إلى ما تنتج منه زيارة السياسيين العراقيين إلى دول الجوار، كي تعرف ما تحمله كل دولة من أفكار تجاه العراق».ويسخر الصميدعي من رواية عدم التدخل الأميركي، جازماً بأنّ «معظم المسؤولين العراقيين يتوددون إلى واشنطن خلف الكواليس لتقوية موقفهم السياسي في البلاد، إلا أنهم يخفون الأمر تحسباً من ردود أفعال الشارع العراقي الذي يفضل التدخل الإقليمي، المتمثل بالسعودية وإيران، على الولايات المتحدة».