الأتراك يستقبلون «الأبطال» ويودّعون الشهداءمشاعر من الفرح والفخر والاعتزاز والحزن والغضب والرغبة بالثأر، كلها تجمعت أمس في صدور الأتراك الذين استقبلوا «أبطالاً» عادوا إلى أوطانهم، وودعوا آخرين إلى مثواهم الأخير، في وقت تبدو فيه سلطات أنقرة ثابتة في مواقفها من إسرائيل التي «ستندم على خطئها الكبير الذي ارتكبته، ولن ننسى أبداً الهجوم الإسرائيلي». كلام رئاسي أُرفق بوعيد بأنّ تركيا «ستفعل بالطبع ما عليها فعله في ظل هذا الهجوم» وتزامن مع سلسلة من الإجراءات العملية، يتقدمها تجميد وزارة الطاقة التركية، المشاريع النفطية والمائية الحكومية مع الدولة العبرية، إلى حين تطبيع العلاقات معها
وصل الدور للرئيس التركي عبد الله غول، أمس، ليتسلّم دفّة التصريحات النارية تجاه إسرائيل، وذلك بعدما تولّى المهمة قبله كل من رئيس حكومته رجب طيب أردوغان، ووزير الخارجية أحمد داوود أوغلو. وقال غول إنّ إسرئيل «ستندم على خطئها الكبير الذي ارتكبته بمهاجمتها أسطول الحرية»، متعهداً «ألّا تسامح تركيا أبداً إسرائيل للهجوم على مواطنيها والسفن في المياه الدولية».
ونقلت وكالة أنباء «أناضول» التركية عن غول تأكيده، خلال زيارته حاكم محافظة الأناضول، أنّ حكومته «ستفعل بالطبع ما عليها فعله في ظل هذا الهجوم»، مكرّراً أنّ إسرائيل «ستفهم قريباً كم أنّ الخطأ الذي ارتكبته كبير، وستندم عليه».
وفيما رأى الرئيس التركي أن حكومة بنيامين نتنياهو «تتصرف تصرفاً خاطئاً تجاه مستقبلها، وباتت تمثّل عبئاً على الإسرائيليين وتتّبع سياسات تجعل مستقبلهم أسود»، جزم بأنّ علاقات بلاده مع الدولة العبرية «لن تكون أبداً كما كانت عليه سابقاً». وتابع، في تصريحات بثّتها التلفزيونات التركية: «من الآن فصاعداً، لن تعود العلاقات التركية ـــــ الإسرائيلية كما كانت عليه أبداً. لقد خلّف هذا الحادث ندبة عميقة لا يمكن إزالتها».

وزارة الطاقة التركية تعلّق المشاريع الثنائية مع إسرائيل إلى حين تطبيع العلاقات

وردّاً على التعليقات بأنّ تركيا قد لا تؤدّي دور الوسيط في قضية الشرق الأوسط بعد اليوم، أجاب بأنّ القضية «ليست بين تركيا وإسرائيل، بل هي بين إسرائيل والبشرية». وفي مزيد من التصعيد، قال غول: «كلامي مهم لمن يفهمونه. يجب أن يقوّم الإسرائيليون والمسؤولون الأميركيون ملاحظاتي جيداً».
صحيح أنّ غول كان أبرز من تحدث أمس عن مستقبل العلاقات التركية ـــــ الإسرائيلية، إلا أنّ أردوغان لم يغب عن المشهد، إذ كرّر ما سبق أن أبلغه إلى الرئيس الأميركي قبل يومين، عن أنّ إسرائيل «تشارف على خسارة أهم أصدقائها في المنطقة ما لم تغير عقليتها»، وفقاً لما نقلته عنه وكالة أنباء الأناضول الحكومية في اجتماع الجمعية العمومية لرابطة المصدِّرين الأتراك. وختم كلامه لافتاً إلى أنّ «هذا الخطأ لم يكن بحق تركيا فقط، بل بحق شعوب 32 بلداً (في إشارة إلى الدول التي يحمل جنسياتها متضامنو أسطول الحرية)».
في هذا الوقت، أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي تانر يلديز أن بلاده «لن تطور أي مشاريع مستقبلية في مجال الطاقة والمياه مع إسرائيل، قبل تطبيع العلاقات بين الدولتين». ونقلت صحيفة «حرييت» عن يلديز قوله: «في الوقت الذي نركّز فيه على الطابع غير الإنساني لما فعلته إسرائيل، لا يمكننا التحدث عن القضايا التجارية والاقتصادية». وأضاف: «لن نبدأ أي مشروع مع إسرائيل حتى يجري تطبيع العلاقات معها». وأعطى مثلاً على تلك المشاريع التي سيُجمَّد العمل بها، مثل المشروع المائي manavgat الذي بموجبه ستزوَّد الدولة العبرية بـ 50 مليون متر مكعّب من المياه التركية سنوياً، إضافة إلى المشروع النفطي «بلو ستريم ـــــ 2» الذي ينص على مد أنابيب نفط وغاز من تركيا إلى إسرائيل. إلا أنّ الوزير أوضح أنّ التجميد لن يشمل العقود الموقّعة بين الشركات الخاصة بين الدولتين.

العائدون يشهدون للقضاء التركي: سقط أكثر من 9 شهداء وألقيَت جثثهم في البحر

في هذا الوقت، عاد السفير التركي لدى إسرائيل أحمد أوغز تشليك كول، إلى اسطنبول، بعدما أشرف على عملية إعادة مواطنيه الأسرى وجثامين الشهداء.
على الصيد الشعبي، اتخذت التظاهرات التركيّة، أمس، طابع الاحتفال بعودة 446 ناشطاً شاركوا في «أسطول الحرية». وقد لقي هؤلاء استقبال الأبطال من الآلاف من مواطنيهم كانوا ينتظرونهم في مطار «أتاتورك» مظللين بالأعلام التركية والفلسطينية والشعارات المعادية لدولة الاحتلال. وعاد هؤلاء بثلاث طائرات تركية كانت حكومتهم قد أرسلتها لجلبهم إلى ديارهم. وعلى الفور، بدأ هؤلاء يدلون بشهاداتهم أمام المدعي العام في إسطنبول في إطار مساعي وزارة العدل التركية لاتخاذ إجراءات يحتمل أن تنتهي بمحاسبة مسؤولين إسرائيليين.
ونفى بعض الناشطين، في شهاداتهم، أن يكون عدد الشهداء مقتصراً على 9، بما أنّ «الجنود الإسرائيليين رموا عدداً من الجثث في البحر، وأطلقوا النار على طبيب كان يريد أن يسلم نفسه وألقوا بجثته أيضاً في البحر».
وعلى وقع شعارات الدعم لحركة «حماس» والإدانة لإسرائيل، تجمّع عشرات الآلاف، في مكان آخر من إسطنبول، للصلاة على أرواح الشهداء الأتراك الذين سقطوا جميعاً بالرصاص، بحسب التقرير الطبي الشرعي التركي.
(الأخبار)


شهداء «أسطول الحريّة»- إبراهيم بلغن (61 عاماً)، من مدينة سيرت في جنوب شرق البلاد، وهو مهندس كهرباء، وأب لطفل.
- فرقان دوغان (19 عاماً) وهو مواطن تركي يحمل الجنسية الأميركية، استُشهد برصاصتين من قوات الاحتلال عن مسافة قريبة، واحدة برأسه والثانية بالصدر، بحسب تقرير الطب الشرعي التركي.
- جودت كليشلار (38 عاماً) وهو صحافي من مدينة قيصري وسط البلاد، وهو موظّف في الجمعية المنظمة للحملة.
- شنغيز سنغور (47 عاماً) من مدينة إزمير.
- شتين طبسو أوغلو (54 عاماً)، من مدينة أضنة، وهو بطل تركي سابق في رياضة التايكواندو ومدرب سابق للمنتخب التركي.
- فخري يلديز (43 عاماً)، من مدينة أدييامان (جنوب شرق البلاد)، وهو عامل إطفاء وأب لأربعة أطفال، وكان يرغب طوال حياته في أن يكون شهيداً على أيدي الإسرائيليين، بحسب شهادة شقيقه.
- نجم الدين يلدريم (32 عاماً) من مدينة ملاطيا، وهو موظف في الجمعية المذكورة.
- شنغيز أكيوز (41 عاماً) من منطقة الإسكندرون جنوب تركيا.
- علي حيدر بنغب (39 عاماً) من ديار بكر الكردية.
(رويترز)