فيما شارك فيديل كاسترو للمرة الثالثة خلال أسبوع في حدث علني، وصلت أول دفعة من 7 معتقلين سياسيين كوبيين إلى مدريد وكان من المنتظر وصول 4 آخرين أمس
بول الأشقر
بدأت صورة الاتفاق بين إسبانيا والكنيسة ورئيس كوبا راوول كاسترو تتّضح مع وصول سبعة منشقّين سياسيين كوبيين إلى مدريد أول من أمس. والعملية حدث سياسي من الطراز الأول، إذ من المرجّح أن تكتمل عملية إطلاق 52 معتقلاً في فترة أقصاها 4 أشهر، وستؤدي إلى تحسّن ملحوظ في علاقة الجزيرة مع المجموعة الأوروبية، وإلى إفراغ السجون من لائحة من تسمّيهم منظمة العفو «معتقلي الضمير» في كوبا.
وكان من المنتظر وصول دفعة ثانية من 4 أشخاص أمس أيضاً إلى مدريد. وبذل وزير خارجية إسبانيا، ميغيل آنخيل موراتينوس، جهوداً حثيثة لإعطاء قوة دفع للاتفاق، بحيث وعد بأنّ عملية التغيير هذه ستلغي مفاعيل ما هو معروف بالموقف المشترك، الذي يرهن علاقات المجموعة الأوروبية بواقع حقوق الإنسان في كوبا، والذي قد يُعَلّق الشهر المقبل فاتحاً المجال لعلاقات ثنائية طبيعية بين كوبا ودول المجموعة.
والمعتقلون السبعة، الذين اختاروا المنفى، كانوا قد اعتُقلوا جميعهم عام 2003، وهم بمعظمهم صحافيون في العقدين السابع والخامس، وصلوا إلى الإعلام المستقل بعدما عملوا في مؤسساته الرسمية خلال عقود، وبينهم أيضاً رياضي وطبيب، سابقان، ومكتبي ـــــ اقتصادي، إضافةً إلى مؤسس «حزب حقوق الإنسان»، ليستير بينتون، الذي تحوّل لدى اعتقاله في عمر الـ26 سنة إلى أصغر معتقل سياسي.

الاتفاق يقرُّ ضمنياً بوجود معتقلين سياسيين في كوبا وهذا يمثّل سابقة

ورغم كون الصفقة أقل شمولاً من التي حدثت قبل 12 عاماً، حين أُطلق نحو 300 سجين تزامناً مع زيارة البابا يوحنا بولس الثاني لكوبا، فإنّ عملية الإفراج هذه المرّة أهم لأسباب عدة، مع أنها كسابقتها لا تمسّ بجوهر النظام. أولاً، لأنها تقفل «قضية الـ75» الذين اعتُقلوا عام 2003 ونالوا عقوبات سجن تراوح بين 6 أعوام و28 عاماً، وكان الجزء الباقي منهم قد غادر السجن قبل إبرام الصفقة.
ثانياً، لأنّ الاتفاق، ولو ضمنياً، يقرُّ بوجود معتقلين سياسيين في كوبا، حيث يوجد اليوم 167 معتقلاً سياسياً، بمن فيهم الـ52 الذين سيُفرج عنهم، وهو أدنى رقم منذ قيام الثورة. وكانت السلطات الكوبية لا تصفهم إلّا بـ «المرتزقة». الإفراج عنهم وإعطاؤهم حق البقاء أو الخروج يمثّلان اعترافاً بأنّ لهم حقوقاً مهما كان معتقدهم السياسي، وهو سابقة في القانون الكوبي.
وثالثاً، الدور المهم للعنصر الداخلي المعارض، إضافةً إلى العامل الخارجي، في الوصول إلى الاتفاق وفي تسريعه، كما دل السباق بين الإضراب عن الطعام الذي استمر 130 يوماً، الذي نفّذه عالم النفس الصحافي غوستافو فرينياس، وروزنامة الإفراجات؛ وكما تدل أيضاً تصاريح أول الواصلين إلى مدريد: «المنفى اليوم هو استمرار للنضال وإطلاقنا يفتح مرحلة جديدة».