أثمرت الضغوط التي قامت بها هيئات المجتمع المدني والناشطون وبعض السياسيين في طرابلس في الأيام الأخيرة، في دفع بلدية المدينة لاتخاذ قرار يقضي "بالتريث" في تنفيذ مشروع مرأب للسيارات تحت الأرض في ساحة التل وسط طرابلس، بانتظار الانتهاء من إعداد خرائط عائدة للمشروع التطويري في المنطقة.
وعلى الرغم من أن البلدية لم تكشف في قرارها عن مهلة "التريث"، تاركةً الأمر أمام اجتهادات شتى، فإن أغلب المتابعين لقضية المرأب، التي شغلت الأوساط في طرابلس، اعتبروا القرار بمثابة إعلان من المجلس البلدي الحالي بترك أمر بتّ مشروع المرأب للمجلس البلدي الذي سيُنتخب في انتخابات البلدية المقبلة أواخر شهر أيار، أو أن ينفذ المجلس الحالي المشروع، في حال جرى التمديد للبلديات، كما يراهن بعض مؤيدي المشروع، بعد أن تكون خرائط المخطط التطويري والإنمائي لمنطقة التل قد أُنجزت بالكامل.
قرار التريث لم يأتِ من فراغ، إذ تيقنت البلدية أنه لا بديل من تأجيل تنفيذ المشروع بعض الوقت، بعد الاعتراضات الكثيرة التي أبدتها قوى سياسية وهيئات المجتمع المدني في طرابلس، وصولاً إلى اعتصامات شهدتها ساحة التل احتجاجاً على المشروع، إذ قام المعترضون برفع السور الحديدي الذي وضعته الشركة المتعهدة حول الساحة تمهيداً لبدء أعمال الحفر ونصبوا الخيم وحولوها إلى ساحة لعرض نشاطات فنية.
قرار التريث اتُخذ قبل انعقاد جلسة البلدية بساعات

وسط هذه الأجواء، عُقدت جلسة للمجلس البلدي عند الساعة السادسة مساء أول من أمس، رافقها اعتصام للمعترضين على المشروع أمام مقر البلدية، برغم الأمطار الغزيرة التي هطلت. ما أن تبلغ هؤلاء قرار البلدية التريث في تنفيذ المشروع، حتى عمّت الاحتفالات المدينة.
لكنّ قرار التريث اتُخذ قبل انعقاد جلسة البلدية بساعات، وفق معلومات لـ"الأخبار" أكّدت أن رئيس البلدية عامر الرافعي قام بصوغ قرار التريث مع عضو البلدية خالد صبح قرابة الساعة الثانية بعد ظهر أول من أمس، بعدما وصل الرافعي إلى قناعة بأن تنفيذ مشروع المرأب بالشكل المقترح، سيجعله يصطدم ببعض القوى السياسية والاقتصادية والهيئات المدنية الرافضة للمشروع، وما يحمله ذلك من تداعيات لا قدرة له ولا للبلدية على مواجهتها.
وتضمن قرار التريث موافقة مشروطة على تنفيذ مشروع المرأب على خمس مراحل:
- المرحلة الأولى تنص على "بدء العمل فوراً من قبل مجلس الإنماء والإعمار بتنفيذ البنى التحتية في شارع التل، بالتنسيق مع الاستشاري المكلف من البلدية وبشكل لا يتعارض مع تنفيذ المشروع ككل".
- المرحلة الثانية تشير إلى "التريث في تنفيذ أعمال المرأب الى حين انتهاء المرحلة الأولى من أعمال الدراسة التفصيلية والمتعلقة بالواجهات، ليتسنى للبلدية إجراء التلزيمات للواجهات وتنفيذ أشغالها بالتزامن مع بداية تنفيذ أعمال المرأب، وذلك تأكيداً لقرارات سابقة بهذا الخصوص".
- المرحلة الثالثة تنص على "إعداد وتجهيز مراكز التسفير على مداخل المدينة الشمالية والجنوبية، ويبدأ العمل بها فوراً وفقاً للآلية والأصول القانونية المتبعة".
- المرحلة الرابعة تتضمن "تأهيل الطرقات والبنى الفوقية بشكل متلازم مع تنفيذ سطح المرأب (ساحة عبد الناصر)، وذلك وفقاً للمخطط الأولي الإنمائي التطويري لمنطقة التل، والموافق عليه من قبل المجلس البلدي".
- المرحلة الأخيرة "وضع خطة سير متكاملة من ساحة عبد الحميد كرامي حتى الملولة".
تعليقاً على القرار، أوضح عضو البلدية خالد صبح أن "قرار التريث جاء ثمرة اتصالات بين البلدية والقيادات السياسية. فمنذ اليوم الأول كنا مع مشروع متكامل لمنطقة التل بعدما أدركنا أن تنفيذ مشروع المرأب لوحده لا يمكن أن يمشي إلا إذا رافقه مخطط تطويري للمنطقة".
غير أن القرار الذي حظي بموافقة 15 عضواً لقي اعتراضاً من أربعة أعضاء هم: إبراهيم حمزة، عزت دبوسي، عمار كبارة وخالد تدمري. يوضح تدمري أن "القرار غير واضح ويتضمن أموراً تحتاج إلى تفسير وشرح، مثل إقامة محطتي تسفير شمالية وجنوبية من دون إقناع السائقين بانتقالهم إليهما". ويضيف: "كذلك فإن المخطط التطويري هو عبارة عن دهن الواجهات وتأمين إنارة خارجية وتشجير المنطقة إضافة الى بعض الأمور التجميلية بمبلغ يصل إلى 12 مليون دولار، عدا مبلغ 20 مليون دولار مخصص للمرأب، فهل يعقل أن يصرف هذا المبلغ الكبير على مرأب بينما طرابلس تعاني حرماناً وإهمالاً من عدم تنفيذ مشاريع حيوية فيها، علماً أن مبلغاً كهذا إذا صُرِف بطريقة مدروسة قادر على تنمية المدينة فعلياً؟". يعتبر تدمري أن "التنمية لا تأتي بحلول آنية ومشاريع على شكل تنفيعات، وأن المجتمع المدني الذي ربح 3 جولات في مواجهة داعمي مشروع المرأب، خرج أكثر قوة من ذي قبل وهو يرفع شعار وإن عدتم عدنا".