يُمكن نائب القوات اللبنانية جورج عدوان التنازل عن مشروعه مقابل ما وصفه «بمشروع الرئيس نبيه برّي الجيد»، ولا سيما إذا كان يعلم أن تقسيماته ستفرملها كل من ملاحظات الحليفين المستقبلي والاشتراكي، فيرفع عن ظهره مسؤولية التعطيل. كما يُمكن النائب سامي الجميل أن يتحدث بنبرة ايجابية، بعدما حصد من «كنز» الأرثوذكسي ما يمكن حصده، بالدفاع عنه حتى اللحظات الأخيره، مع علمه أيضاً أنه مشروع غير قابل للتنفيذ.
حتى نواب كتلة «التنمية والتحرير» سلّموا قبل رد الكتل على مشروع رئيسهم أنه لن يحوز على مباركة الخصم. إذاً، مشروع برّي الذي يقضي بانتخاب 64 نائباً وفق الارثوذكسي على أساس لبنان دائرة واحدة، مقابل 64 نائباً وفق النظام الأكثري على أساس 26 دائرة (قانون الستين)، لا يعدو كونه دورة التفافية جديدة تضاف إلى ما سبق من دورات، ليصير التمديد أمراً واقعاً وحتمياً ولا مفر منه. لم تكُن خطوة برّي المفاجئة أمس، سوى محاولة للتخفيف من حالة الاحتقان التي سادت بفعل اقتراح القانون المختلط الذي قدّمته قوى 14 آذار، والتي انعكست تشنجاً على وجوه النواب المسيحيين لحظة دخولهم المجلس. توجّه أعضاء اللجنة إلى مكتب الرئيس الذي لازم مقعده طوال ساعات الاجتماع. كانوا جميعاً في حالة ترقّب. بدأت الجلسة بالاستماع إلى ملاحظات فريق الثامن من آذار، التي طرحها كل من النواب علي فياض وألان عون، والوزير علي حسن خليل، على قانون فريق الرابع عشر من آذار. إحدى عشرة ملاحظة أكدت «استنسابية اقتراح القانون وحاجته إلى تعديلات جذرية لتوفير العدالة والتوازن بين المحافظات والطوائف والدوائر وتوزيع المقاعد»، بحسب مصادر اللجنة. وفي ظل تغيّب عدوان عن الجلسة مدة ساعة، نتيجة ارتباطه بموعد بقي مجهولاً، تولّى نائب تيار المستقبل أحمد فتفت الإجابة عن الاسئلة في الشق المتعلق بتياره، تحديداً المناطق التي تدخل في إطاره الانتخابي من حيث طريقة توزيع المقاعد، على أن يجيب عدوان بعد عودته إلى الجلسة عن الأسئلة المتعلقة بالجانب المسيحي من الاقتراح، وخصوصاً التقسيمات المطروحة فيه. لكن استكمال النقاش في المشروع توقف، بعدما انشغل اعضاء اللجنة بصيغة برّي، فأرسلها النواب الى ماكيناتهم الانتخابية لدراستها قبل اتخاذ الموقف منها. التصريحات الأولية رداً على الاقتراح كانت إيجابية، إلا أن النواب أكدوا بعد خروجهم أن «الأمور لا يُمكن حسمها الا في الجلسة المسائية، وفي ضوء المجريات يقرّر مصير الجلسة العامة ما اذا كانت ستعقد اليوم أو سترجأ الى يوم السبت»، بحسب قولهم. هذا الجو الإيجابي، سرعان ما تبدد، فترة ما بعد الظهر، وقبل أن تستأنف لجنة التواصل جلستها الرابعة. فبالتزامن مع إعلان النائبين عون وفياض موافقة كتلتيهما على مشروع برّي، الذي «يرفع صحة التمثيل المسيحي لمستويات عالية ولا يتيح لفريق الإمساك بأغلبية معينة»، وأيدهما في ذلك رئيس حزب الكتائب أمين الجميل، زفّ تيار المستقبل على لسان النائب فتفت خبر رفض التيار لصيغة برّي، فما كان من الأخير الا أن سحب طرحه من التداول نتيجة التحفظ عليه، ما يعني أن الجلسة المسائية ما كانت لتكون جلسة للحسم ولا من يحسمون. وفي هذه الجلسة، استكمل أعضاء اللجنة نقاشهم حول قانون 14 آذار المختلط. وقد أكدت مصادر اللجنة لـ«الأخبار» أن «ممثلي هذا الفريق قدّموا شبه أجوبة على ملاحظات فريق الثامن من آذار ، اعتبرت غير كافية»، فيما «رأى كل من النائبين عدوان وفتفت أن التعديلات المطلوبة ستطيح مشروعهم». ما دفع «نواب كتل التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل والطاشناق إلى عقد اجتماع جانبي لاعادة ترتيب مطالبهم بصيغة أخرى»، ومن ثم «أعاد النواب تقديم ملاحظاتهم إلى زملائهم الذين وعدوا بدراستها»، على أن «تناقش في جلسة اليوم، مع تحييد النقاط التي تمّ الاتفاق عليها». يمكن القول إذاً، أن الاجتماع لم يحمل أي تبدّل بارز، باستثناء «التعصيبة» التي ضربت النائب عدوان، إثر «الحملة» التي تعرضت لها القوات اللبنانية على خلفية الطرح الذي تقدّم به. وبذلك يبقى أمام أعضاء اللجنة فرصة أخيرة اليوم للاتفاق على قانون انتخابي جديد، في الجلسة التي حددها الرئيس برّي عند الساعة الواحدة ظهراً، أو الانصراف إلى الجلسة العامة التي ستعقد يوم السبت للاتفاق على مخرج للأزمة.