تُظهر دمشق هدوءاً كبيراً في تقدير الموقف المتّصل بعودة علاقاتها مع العرب
كذلك، توافَق الموقف السعودي المتردّد، أيضاً، مع موقف واشنطن، الذي مرّ بفترة من عدم الوضوح، قبل أن تعلن الولايات المتحدة رفضها عودة العلاقات بين سوريا ومحيطها العربي، وهو ما التقطته سريعاً المملكة، التي غيّرت من نبرتها السياسية، وعادت، الشهر الماضي، لمهاجمة دمشق، على لسان مندوب السعودية في الأمم المتحدة، عبدالله المعلمي، في وقت كانت تسعى فيه أبو ظبي إلى التوسّط بين دمشق والرياض. على أن اللافت هو أن نائب وزير الخارجية السوري، بشار الجعفري، رفض التعليق حينها على الموقف السعودي، قائلاً إن «سوريا أكبر من أن تردّ على تصريح أيّ موظف سعودي من هنا أو هناك». في هذا الوقت، إلى جانب التنسيق مع طهران، سعت موسكو إلى إيجاد صيغة مقبولة في ما بينها وبين واشنطن، وذلك خلال المباحثات الأخيرة لتمديد عمليات إدخال المساعدات عبر الحدود. إذ سرّبت مصادر دبلوماسية، آنذاك، معلومات عن تعهّد الولايات المتحدة، مقابل قبول روسيا تمديد القرار، تخفيف القيود المفروضة على عودة العلاقات السورية – العربية، بالإضافة إلى دعم «التعافي المبكر» في سوريا، وتحرير القيود المفروضة على عمل المنظّمات غير الحكومية في دمشق.
وأمام التطوّرات الأخيرة، تُظهر دمشق هدوءاً كبيراً في تقدير الموقف، الأمر الذي تجلّى في تصريحات وزير الخارجية السورية، فيصل المقداد، الذي أشار إلى اهتمام دمشق بالعلاقات السورية – العربية، بغضّ النظر عن «جامعة الدول العربية»، في استباق لأيّ تعثّر جديد قد يمدّد تجميد مقعد سوريا الشاغر منذ عام 2011. وبعدما تحدّثت مصادر في الجامعة العربية عن تأجيل موعد عقد القمّة المُقرّرة في العاصمة الجزائرية، عادت الأخيرة لتُوضح أن الموعد لم يتمّ تحديده بعد. وأيّاً يكن، فإن التأخير قد يفسح في المجال أمام اتّخاذ خطوات أكبر على خطّ دمشق - الرياض، خصوصاً أن معظم الدول العربية باتت تؤيّد عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة، باستثناء قطر التي أظهرت موقفاً متشدداً حيال الأمر، والسعودية التي يتأرجح موقفها ما بين تأييد ورفض، لتأتي الخطوات الروسية الأخيرة وتقدّم دفْعاً كبيراً لعودة العلاقات، وسط تفاؤل إماراتي باقتراب هذه الخطوة.