عاودت الطائرات غاراتها على الحديدة للمرة الأولى منذ أيام
هذه التعقيدات ألقت بظلال سلبية على اتفاق الحديدة، الذي بدا خلال الأيام الماضية أنه كان يسير على نحو ما خُطّط له، إلا أن إمكانية تجاوز العقبات العارضة لا تظهر مستحيلة، في ظلّ احتمال عودة الرياض إلى التدخل بعد أن تكون المناورة قد استنفدت أغراضها. في هذا الإطار، تفيد مصادر من داخل وفد صنعاء التفاوضي بأن اتفاق الحديدة، الذي تمّت الموافقة عليه في ربع الساعة الأخير بعد اتصال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إنما تمّ ربطه بوقف استهداف العمق السعودي بالصواريخ الباليستية من قِبَل الجيش اليمني واللجان الشعبية. وانطلاقاً من ذلك، تبدو تفاهمات استوكهولم أكبر من التفاصيل التي تعمل حكومة هادي على الترويج لها، وها هنا بالتحديد قد تكون كامنة عوامل تحصينها من الانهيار. وعلى رغم خوض السعودية المفاوضات تحت عناوين مغايرة لشعار «إعادة الشرعية»، إلا أنها حرصت على حفظ ماء وجه الحكومة الموالية لها بإيعازها إليها بعدم التوقيع على الاتفاق، بعدما رفضت «أنصار الله» أن يتمّ وسم وفد تلك الحكومة بعبارة «وفد الجمهورية اليمنية»، مقترحة استخدام عبارة «وفد حكومة الشرعية» أو «وفد الرياض» مقابل «وفد حكومة الإنقاذ» أو «وفد صنعاء»، وفقاً للمصادر نفسها.
وصاحبَ فشلَ الاجتماع الأخير لـ«لجنة التنسيق» تصاعد خروقات وقف إطلاق النار، التي سُجّلت من ضمنها أمس، للمرة الأولى منذ أيام، غارتان لطائرات العدوان استهدفتا محيط قرية القبيع ومحيط كلية الهندسة، بحسب ما أعلن المتحدث باسم الجيش واللجان الشعبية يحيى سريع. وأشار سريع، كذلك، إلى «ارتكاب المرتزقة 158 خرقاً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية»، في حين اتهمت الميليشيات المدعومة إماراتياً «أنصار الله» بـ«الاستمرار في خرق الهدنة، والقيام بعشرات الخروقات في مدينة الحديدة ومديريتي الدريهمي وبيت الفقيه». وعلى رغم تلك الاتهامات المتبادلة، إلا أن المتحدث باسم «ألوية العمالقة» أعلن أن «لجنة التنسيق» «ستعقد اجتماعات أخرى» من دون تحديد موعد لذلك، ما يشي بأن تطورات أمس السلبية قد تكون مجرد عقبة على الطريق. يعزز الاحتمال المتقدم إعلان حكومة هادي، أول من أمس، البدء بـ«صرف مرتبات الجهاز الإداري للدولة في محافظة الحديدة»، في خطوة وصفها المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، بـالـ«مهمة»، آملاً أن «تليها خطوات أخرى». لكن رئيس «اللجنة الثورية العليا»، التابعة لـ«أنصار الله»، محمد علي الحوثي، حذر من أن يكون الهدف من قرار هادي «الالتفاف على اتفاق استوكهولم»، مطالباً المبعوث الأممي بإلزام الحكومة الموالية للرياض بـ«تسليم المرتبات لجميع موظفي الدولة». وأبدت مصادر مطّلعة في صنعاء، من جهتها، خشيتها من أن تكون هذه الخطوة مجرد «فقاعة إعلامية» للتغطية على «وصول شحنة من 147 مليار ريال مطبوعة في الخارج».