تقع قرية المتين في قضاء المتن الشمالي، يفصلها عن المتن الأعلى مجرى نهر بيروت حيث تقوم عى ضفته الثانية قرية جميلة قبالة المتين اسمها بزبدبن.تُعتبر المتين من أكبر القرى عقارياً، إذ تصل حدودها إلى جوار بسكنتا شمالاً وحتى قرية شمسطار في البقاع شرقاً. أدنى ارتفاع لأراضيها عن سطح البحر هو بحدود الـ500 متر في ما يسمى أسفل حرش الضيعة، أما أقصى ارتفاع فيلامس الـ2000 متر في منطقة السّد والزعرور وجوار صنين.

بعد الحرب

عرفت المتين شتى أنواع الحروب بين 1976 و1990. لذا سيطر عليها إهمال غير مقصود فرضته ظروف الحرب آنذاك. ولكن مباشرة بعد حرب 1976 عاد المتينيون الذين لا سقف لهم إلا في المتين فأهّلوا منازلهم واستقرّوا بجميع اتجاهاتهم المذهبية والسياسية.
مع انتهاء الحرب في بداية التسعينيات باشر المتينيون الذين أُصيبت بيوتهم أو دُمّرت بإعادة إعمارها والاستقرار فيها خلال أشهر الصيف. واليوم وبفضل جهد المتينيين الفردي في لبنان والمغتربات، إن مررت في المتين قلّما تجد أثراً للحرب التي عصفت بها لأكثر من ربع قرن.

الانتخابات البلدية

كانت الانتخابات البلدية عام 1998 جامعة بالقدر الممكن، فنتج عنها مجلس بلدي برئاسة جوزف عقل الذي جهد في جعل المجلس البلدي الجديد متجانساً بهدف الإنماء. وعام 2004 انتُخب على رأس المجلس البلدي زهير بو نادر ثم انتخبوه لدورة ثانية عام 2010.
خلال الاثنتي عشرة سنة التي تولى فيها مجلس بو نادر السلطة البلدية قامت مشاريع بعضها بمبادرة من المجلس وبعضها الآخر بمبادرات متينية خاصة، كانت ذروتها شراء قصر لمعي دفع ثمنه المتيني المرحوم روجه صروف الذي رمّمه وأهداه الى المتينيين ممثلين بمجلسهم البلدي.
عام 2016 أصر السيد زهير بو نادر على الترشّح للمرّة الثالثة، وقد أدى إصراره إلى قيام انقسام حادّ في القرية بين مؤيد ومعارض، إلا أن غالبية الناخبين أيّدته فعاد رئيساً للمجلس لست سنوات جديدة.

التلوّث بالنفايات

إلا أن المتين في العهد الثالث للبلدية ورئيسها، بدأت تتعرض لشتى أنواع التلوث في مياهها والتعدي على أملاكها العامة في أماكن وجود المياه بالذات.
الشرارة الأولى التي فتحت أعين المتينيين على التعدي حصلت عندما تم استجلاب كميات من النفايات محمّلة من ضهر الصوان في صيف 2016 وأُفرغت حمولتها حيث ينابيع المياه التي يشرب منها المتينيون. لاحظ ذلك الرعاة والمزارعون وشرطة البلدية وأبلغوا المجلس البلدي وبعض أهل البلدة.
تعاون المجلس البلدي ومخاتير المتين بالرّغم من تلكّؤ المجلس في الكشف عن مكان طمر النفايات وإقامة دعوى قضائية على مالك الأرض التي طُمرت فيها النفايات وعلى صاحب الكميون وسائقه الذين تولّوا نقلها إلى حيث طُمرت.

تلوّث المياه

يؤمن نبع بقليع الملوث وحده ثلث حاجة المتينيين إلى مياه الشفة


بعد ذلك طالب أهل القرية بفحص المياه خوفاً من التلوث وبعد الضغط عبر وسائل التواصل الاجتماعي استجابت بلدية المتين وقامت بفحص مياه السد والسكر حيث رميت النفايات ومياه نبع بقليع الأقرب إلى المتين والذي تحيط به إنشاءات سكنية عديدة.
جاءت نتيجة الفحوصات التي أجراها المجلس البلدي مطمئِنة وأشاعت البلدية بين الناس وعبر رسائل «إس إم إس» أن مياه المتين جيّدة صالحة للشرب وخالية من التلوّث.
فور إعلان النبأ أخذ مختارا المتين مارون الناكوزي ووليد القنطار وبإشراف أطباء من المتين عيّنات من مياه الينابيع ذاتها وأخضعاها لفحوصات جرثومية وكيميائية في مختبرات الفنار التابعة لوزارة الزراعة. بعد أسبوع جاءت النتائج أن المياه «غير مطابقة للمواصفات».
لم تعترف البلدية بصحّة هذه الفحوصات واعتبرتها مزايدات انتخابية وما شابه. فكلّف مختارا المتين الخبير المائي جهاد عبود بالنظر كحكم في صحّة التحاليل المخبرية، وبعد طول عناء قبلت بلدية المتين بالانضمام إلى حركة المختارين بتعيين خبير يفحص مياه المتين في مختبرات الجامعة الأميركية في بيروت وتكفلت بدفع المترتبات جميعها.
وقد جاءت نتائج تحاليل الخبير جهاد عبود مطابقة لنتائج تحاليل وزارة الزراعة بأنها غير مطابقة.

الحراك المدني

في اجتماع عُقد في صالة كنيسة السيدة في المتين في شباط 2017 دعت إليه بلدية المتين أكدت خلاله أن الخبير طعمه ليس مصدر ثقة وأن مياه المتين سليمة من التلوث دون أن تبرز وثائق علميّة تؤيد وجهة نظرها.
غير أن بعض أعضاء المجلس البلدي ومختاري المتين القنطار والناكوزي سلموا رئيس بلدية المتين، في الاجتماع نفسه، نتائج فحوصات أُجريت في شباط وبينت أنها غير مطابقة.
لم يقتنع رئيس مجلس بلدية المتين وترك الأمور على غاربها… ما دفع بأهالي المتين، خاصة الذين يعيشون في القرية صيفاً شتاء، لشراء المياه المعدنية من دكاكين المتين والجوار. ولا يزالون.
ونتيجة لضغط الحراك المدني الذي أنشئ في 23 تشرين الأول 2016 ونتيجة لتقرير الخبير طعمه الموثّق، أقرّ رئيس المجلس البلدي بتلوث المياه وأقام ورشة لإزالة تعدّي المنشآت السكنية الموجودة فوق النبع وحواليه تعمل منذ أسبوعين. إلا أن أحداُ لن يستطيع التأكيد أن هذه الإجراءات كافية لمعالجة التلوث الذي ضرب الينابيع التي تشرب منها المتين. أما عن التعديات على الأملاك العامة وبيع مياه السد التي يملكها الأهالي... فللحديث صلة.




مطالب الحراك المتيني


تعتبر الينابيع المشار إليها أعلاه ملك للمتينيين. تؤمّن مياه الشفة لهم بدل مبلغ يدفعونه للمجلس البلدي الذي يشرف على صيانة مجاري المياه من الجرد إلى القرية. مع العلم أن مياه المتين مستقلّة تمام الاستقلال عن مصلحة مياه المتن.
ويطالب الأهالي بوقف النزيف المالي الحاصل من خلال شراء المياه المعدنيّة يومياً.
ومبادرة بلديّة المتين لإقامة ما هو ضروري لرفع التعدّي على مياه وأملاك المتين العامّة في منطقة نبعي السد والسكر.