كسرت زيارة المنسّق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا إلى سوريا أمس القطيعة الأوروبية لدمشق، في محاولة لحل الأزمة اللبنانية، التي كانت أساس مباحثاته مع الرئيس السوري بشار الأسد ونائبه فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم. إلا أن المسؤول الأوروبي أثار غضب إسرائيل بإشارته إلى دعم الاتحاد لدمشق لاستعادة أراضيها المحتلة.وقال سولانا، في مؤتمر صحافي عقده في مطار دمشق قبيل مغادرته: “أخبرت الرئيس الأسد خلال اجتماع ساده مناخ إيجابي بأننا نرغب في أن تبذل سوريا جهوداً كبيرة لتطبيق القرار 1701” الصادر عن مجلس الأمن الدولي. وأضاف أنه دعا سوريا إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد “تهريب الأسلحة عبر الحدود إلى لبنان”.
وشدد سولانا، في المؤتمر الذي شارك فيه المعلم، على أن “هذا أمر ضروري لتحقيق السلام والاستقرار في لبنان”، معرباً عن أمله “أن يتم تطبيق القرار بشكل تام”. وقال إنه أبلغ الأسد أن “هناك فرصة لتكون سوريا جزءاً من المبادرات (في المنطقة). من الضروري أن تتخذ القرارات الجيدة وأن نشارك معاً في عملية السلام لتأمين الاستقرار في كل المنطقة”، مشيراً إلى أنه قال للرئيس السوري “يجب ترجمة الأقوال بالأفعال”.
وأضاف سولانا أنه بحث مع الأسد الجهود التي تبذلها سوريا من أجل الاستقرار في العراق وعملية السلام في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي يفهم أن السلام “عملية شاملة ونحن نعمل على أن تستعيد سوريا الأراضي التي خسرتها في عام 1967 ونعمل على دفع العملية السلمية كي تتحرك بشكل كامل”.
وأعرب سولانا عن أمله في العودة إلى دمشق قريبا، إلا أنه ربط ذلك باتخاذ سوريا “القرارات المناسبة” من أجل أن “نسهم معاً، ليس فقط في دفع المسيرة السلمية، بل في دفع الاستقرار في المنطقة كلها”.
من ناحيته، أعرب المعلم عن “الحرص على تطبيق القرار 1701 وعلى أن تقوم قوات الطوارئ الدولية (يونفيل) بأداء مهامها على أحسن وجه” في جنوب لبنان. وأضاف أن “سوريا ستسعى لتكون جزءاً من الحل الذي يؤمن استقرار المنطقة. نقدّر عالياً الدور الذي يقوم به سولانا ونعوّل على دور للاتحاد الأوروبي في إقامة سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط وندرك أهمية الحوار معه”. ونفى المعلم مجدداً أن تكون بلاده على علم بتهريب أسلحة إلى لبنان، مشيراً إلى دعم دمشق لما يتفق عليه اللبنانيون.
وفي ما يتعلق بالمحكمة ذات الطابع الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، شدد المعلم على أن سوريا “تنتظر نتائج التحقيق الذي تتعاون معه بشكل كامل”. وأضاف أن سوريا لم تقل إنها تعارض إنشاء المحكمة، مشيراً إلى أن هناك خلافات بين اللبنانيين بشأن قواعدها.
ورأى المعلم أن مؤتمر بغداد، الذي انعقد في 10 آذار بمشاركة دبلوماسيين أميركيين وسوريين، يشكّل “بداية” للحوار مع واشنطن. وقال: “نأمل أن يرى الأميركيون أن الحل في العراق ليس عسكرياً بل سياسياً”.
وكان الشرع قد دعا الاتحاد الأوروبي، خلال لقائه سولانا، إلى “انتهاج سياسات
مستقلّة تمكّنه من تجسيد التعاون بين ضفتي المتوسط لتحقيق العدل وإعادة الحقوق إلى أصحابها”.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن الشرع شدد أيضاً خلال اللقاء على “أهمية الحوار وإعادة الاعتبار للشرعية الدولية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة”، مشيراً إلى أن بلاده “كانت وستبقى تسهم في كل ما من شأنه إزالة عوامل التوتر في الشرق الأوسط”.
إلى ذلك، رحب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أمس بزيارة سولانا إلى دمشق، مشيراً إلى أنها تعبير عن ضرورة قيام سوريا “بدور بناء في المنطقة”. وقال إن “سولانا سينقل إلى دمشق رسالة واضحة مفادها أن على سوريا تقديم آفاق أخرى إذا أرادت مواصلة إصلاحاتها الاقتصادية”.
وأضاف شتاينماير: “لذلك، على المسؤولين في دمشق أن يقوموا بدور بناء في المنطقة، وهذا ما قلته أيضاً للرئيس (السوري) بشار الأسد خلال زيارتي إلى دمشق”، موضحاً أنه يقصد بذلك اعتراف سوريا بسيادة لبنان واعتمادها موقفاً إيجابياً في الصراع الفلسطيني ــــــ الإسرائيلي.
من جهة ثانية، أثار تصريح سولانا عن إعادة الجولان المحتل ردود فعل غاضبة في إسرائيل.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن عضو الكنيست أوفير بينيس من حزب “العمل” قدّم اقتراحاً عاجلاً إلى جدول أعمال الكنيست لعقد جلسة يتم فيها بحث أقوال سولانا.
ورأى بينيس أن “من المناسب قبل أن يعد الأوروبيون بإعطاء هضبة الجولان إلى سوريا أن يطالبوا السوريين بقطع علاقاتهم مع الجهات الإرهابية في إيران ولبنان والتوقف عن منح مأوى للإرهابيين مثل خالد مشعل”، في إشارة إلى رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”.
وقال وزير الخارجية السابق وعضو الكنيست عن حزب “الليكود” اليميني سيلفان شالوم إن تصريحات سولانا تعكس “انهياراً سياسياً شاملاً”. وأضاف أنه “بعدما قررت أوروبا التحدث مع حماس أعلنت عن دعمها لتسليم الجولان لسوريا، وهذا تطوّر خطير ومقلق يلزم إجراء استعدادات طارئة لإيقاف هذا الانهيار”.
(سانا، أ ف ب، د ب أ، أ ب)