ميشـال يريد ملاحظات المعـارضة: المحكمة غير مسيّسـة ولن تسـتهدف قادة المقاومة
في ظل استمر السجال السياسي الداخلي بشأن الملفات الإدارية والسياسية، تجاهلت رئاسة الحكومة أمس ردود الفعل على موقف الرئيس فؤاد السينورة من ملف التعويضات في الضاحية الجنوبية والجنوب. وعُلم أن ملفات مفصّلة تخص هذه المرحلة سيُعمل على كشفها خلال وقت قصير، بينها ما يتعلق ببرنامج شركة «وعد»، التي اتهمها السنيورة ضمناً بأنها تريد، وحزب الله، التصرف بأموال اللبنانيين.
ويتوقع أن تظهر الكثير من المعلومات عن طريقة عمل هذه الشركة ونوعية البرامج التي استخدمت في أعمال التخطيط وفي نوعية الدراسات التي تقوم بها مكاتب لا تعود بتاتاً الى حزب الله، كذلك عن مواصفات البناء والتزام المخططات التوجيهية وفق القوانين القائمة.
أما في ما يتعلق بأرقام التعويضات وحجم ما هو مطلوب فعلياً لإنجاز إعمار ما هدّمه العدوان في الضاحية والجنوب، فإن المداولات لا تزال مستمرة من أجل مواجهة فريق 14 آذار بالحقائق، وبما يمكن القيام به، بما في ذلك توضيح حجم المساعدات التي قدمتها مباشرة بعض الحكومات من دون المرور بالدوائر الحكومية، علماً بأن يوم أمس شهد المزيد من المواقف المنتقدة لمواقف السنيورة وسلوك الهيئات الرسمية المعنية بهذا الملف.
بري والرئاسة
في هذا الوقت، قرر الرئيس نبيه بري عدم الدعوة إلى أي جلسة نيابية عامة ما دام نواب الغالبية يعزفون على وسيلة «اعتصام الثلاثاء» في المجلس النيابي كل أسبوع بغية الضغط عليه لإحراجه، ولن يسمح بالتعرّض للصلاحية الحصرية التي ينيطها به النظام الداخلي للمجلس، وهي أنه هو، وحده، مَن يدعو المجلس إلى الانعقاد، ولا بجعل هذه الصلاحية جزءاً من السجال السياسي والقانوني القائم فتكون سابقة للمستقبل.
كذلك علم أن بري لن يدعو المجلس خلال ما بقي من العقد العادي الأول الذي ينتهي في 31 من الشهر الجاري، الأمر الذي يعني أن المجلس لن يعود إلى الاجتماع إلا مع بدء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد، وسيتحوّل إذاك هيئة ناخبة تقتصر مهمتها على انتخاب خلف للرئيس إميل لحود.
وعلم أيضاً أن المدة الفاصلة بين انقضاء العقد العادي الأول واعتبار المجلس ملتئماً في المهلة الدستورية، لن تشهد عقداً استثنائياً للأسباب نفسها التي حالت حتى الآن دون موافقة صاحب الصلاحية الدستورية، أي لحود، على إصدار مرسوم بذلك بسبب نظرته إلى حكومة السنيورة على أنها فاقدة الشرعية الدستورية والميثاقية.
وأشارت المعلومات الى أن عدم انعقاد المجلس في خلال ما بقي من العقد العادي الحالي، يسقط أي فرصة لتعديل دستوري بغية إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لأن ذلك يتطلب التئام المجلس في عقد عادي. وفي أي حال، لم يكن ليتوهّم أحد، في قوى 14 آذار، كما في المعارضة، أن رئيس الجمهورية سيتخلى عما بقي من ولايته طوعاً، أو أنه سيدخل في صفقة سياسية تقصّر ولايته الرئاسية وتمهّد لانتخاب خلف له، أو حتى تسليمه بتعايش بينه وبين رئيس منتخب لا يتسلّم صلاحياته إلا بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي.
ورأت مصادر مطلعة أن إصرار لحود على الاستمرار في منصبه لا يقتصر على شغف البقاء حتى الدقيقة الأخيرة من الولاية الدستورية ــــ وهو شغف تقليدي متوارث من سلف إلى خلف ــــ بل لاستخدام جزء من صلاحياته لتوجيه المرحلة المقبلة إذا بدا له أن البلاد مقبلة على فراغ دستوري ناجم عن تعذّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وأكدت المصادر نفسها أن ما تشيعه أوساط المعارضة من خيارات دستورية يحتفظ بها رئيس الجمهورية إلى اللحظة المناسبة، تكتسب جديتها من هذا الواقع، وخصوصاً بالنسبة إلى تأليف حكومة انتقالية يسلّم إليها صلاحياته.
من جانبها قالت مصادر قريبة من الرئيس السنيورة إن ما يجري حالياً هو عملية ملء للوقت الضائع في انتظار ما ستقرره الأمم المتحدة في شأن المحكمة الدولية، وكذلك في انتظار تبلور ما سيتخذ من خطوات إقليمية ودولية في ضوء نتائج مؤتمر شرم الشيخ الاخير. وأكدت أن الاكثرية كانت، ولا تزال، تتصرف على أساس أن موضوعي المحكمة والحكومة باتا وراءها وأن الاهتمام بدأ ينصبّ على موضوع الاستحقاق الرئاسي.
وأشارت المصادر نفسها الى أن زيارة السنيورة للبرتغال أمس جاءت تلبية لدعوة من نظيره البرتغالي خوسيه سقراطيس، الذي ستتسلم بلده قريباً رئاسة الاتحاد الاوروبي. ورداً على سؤال عن احتمال دعوة مجلس النواب في غياب الحكومة، قال السنيورة «إن المجلس يجب أن ينعقد، أما بالنسبة لموضوع دعوة الحكومة فوجهة نظر الرئيس بري هي أنه يعتبر الحكومة غير دستورية، وهذه وجهة نظره، ولكن لا تشاركه فيها أكثرية النواب، وبالتالي فإنه، كما كان يقول الرئيس بري نفسه، المجلس سيد نفسه، وهو الذي يعترف أو لا يعترف بدستورية الحكومة وبالتالي يجب ألا نستبق الأمور».
المحكمة
وفيما تحدثت مصادر دبلوماسية عن تبدلات في موقف روسيا من إقرار المحكمة تحت البند السابع، مشيرة إلى أن الأمر استلزم اتصالات أميركية ـــ فرنسية رفيعة المستوى، قال مصدر في واشنطن لـ«الأخبار»، إن الإدارة الاميركية ودولاً اخرى تريد من الرئيس السنيورة رسالة تطلب بوضوح اللجوء الى الفصل السابع وعدم الاكتفاء بكلام عام.
وفي نيويورك، قال دبلوماسي رفيع المستوى من البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، لـ«الأخبار»، إن الصبر بالنسبة لإنشاء المحكمة الخاصة بدأ بالنفاد، لكن ذلك لا يحول دون منح اللبنانيين المزيد من الوقت قبل عرض المسألة على مجلس الأمن الدولي. ورفض المصدر الأميركي الدخول في التفاصيل أو التكهن بشأن مواقف الدول الأعضاء حيال هذه القضية.
أما نائب الامين العام للشؤون القانونية نيكولا ميشال، فقد أبلغ متصلين به أن هناك «ما لا يقبله من اتهامات بأن نظام المحكمة من أسوأ المعاهدات منذ يوم آدم. ولقد نقل إليه ذلك. وقال إن من مصلحة المعارضة تعديل نظامها بحيث لا تثير مخاوف أحد». وأكد ميشال، رداً على سؤال، أن المحكمة «غير مسيّسة» وأنه «مستعد لأن يزيل أي خوف من احتمال محاكمة زعماء المقاومة، وهو لا يريد أخذ الملاحظات ليضعها في الأدراج، بل لكي يعيرها كل اهتمام ويجري التعديلات اللازمة بحيث تصبح مقبولة».