لم يكد الرئيس الأميركي جورج بوش ينهي لقاءاته الرسمية في القدس المحتلة ورام الله حتى بدأ «رحلة حج» على درب المسيح، «فيلسوفه المفضل»، استهلها من كنيسة المهد في بيت لحم. رحلة استوحى منها توسيعاً لرؤية حل الدولتين، أسقط في خلاله حق العودة للاجئين الفلسطينيين واستبدله بـ«تعويضات» ودعوة إلى تطبيع عربي مع إسرائيل. وإن كان قد تطرّق إلى «إنهاء احتلال الضفة الغربية»، إلا أنه تحدث عن «تعديلات على خطوط الهدنة» لتحديد حدود الدولة الفلسطينية، التي قال إنها لا يمكن أن تقوم على «الرعب»، وإنما على ضمان «أمن إسرائيل» (التفاصيل).رؤية بوش الجديدة صاغها في بيان «شكر» إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس، رأى فيه أن «الوقت قد حان لاتخاذ خيارات صعبة وإحراز تطور على مسارات أربعة»: الأوّل، هو تنفيذ تعهدات خريطة الطريق. والثاني، بناء الاقتصاد الفلسطيني والمؤسسات السياسية والأمنية. والثالث، الذي ربطه بوش بحل الدولتين، تضمّن دعوة العرب «إلى مد اليد لإسرائيل»، على اعتبار أن هذه الخطوة «كان يجب أن تحصل منذ فترة طويلة». أما المسار الرابع فهو التفاوض.
ولم ينس الرئيس الأميركي التشديد على «يهودية إسرائيل» بعد «إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967»، على أن تكون «فلسطين وطناً للشعب الفلسطيني وأن تتمتع إسرائيل بحدود آمنة، معترف بها، ويمكن الدفاع عنها. كما يجب أن تكون دولة فلسطين قابلة للحياة ومتصلة، ذات سيادة ومستقلة».
وأرفق بوش تعبير «وطن الفلسطينيين» بإسقاط أي إشارة إلى حق عودة اللاجئين، الذي رأى أن حل قضيتهم يكون عبر «آليات دولية جديدة تشمل التعويضات». كما رأى أن أي «اتفاق سلام سيتطلب تعديلات متفق عليها من الجانبين لخطوط هدنة 1949 لتعكس الوقائع الحالية وضمان قيام دولة فلسطينية».
وجدّد بوش تذكير الطرفين بالتزاماتهما، مشيراً إلى أن على الجانب الاسرائيلي وقف توسيع المستوطنات وإزالة المستوطنات العشوائية. أما الجانب الفلسطيني فعليه «التصدي للإرهابيين وتفكيك البنى التحتية الإرهابية»، مشيراً إلى أن «أي دولة فلسطينية لن تولد من الرعب». مكرّراً التزام أميركا الحازم بأمن إسرائيل، وإلى «صعوبة حلّ قضية القدس».
وجدّد الرئيس الأميركي، في بيانه، ما كان قد أعلنه في رام الله عن توقعه التوصل إلى توقيع اتفاق في نهاية ولايته في كانون الثاني 2009، بعدما تعهّد لعباس بمساعدة قوى الأمن الفلسطينية في بسط سيطرتها على الضفة الغربية.
هذا التعهد يصبّ أيضاً في ما كان قد أعلنه بوش خلال لقائه «صديقه» أولمرت، أول من أمس، عن ضمانه أمن إسرائيل. ضمان يشمل أيضاً «التهديد الإيراني»، الذي لم ينس بوش أن يؤكد أنه «كان ولا يزال وسيبقى»، مشيراً إلى أن «كل الخيارات مطروحة للتعامل معه».
إلى ذلك، أعلن مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، ستيفن هادلي، أن بوش سيعود إلى الشرق الأوسط مرة واحدة أخرى على الأقل لتشجيع التوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين قبل مغادرته البيت الأبيض. وقال «أعتقد أنكم سترونه مجدداً في المنطقة، على الأقل مرة واحدة قبل أن يتخلى عن مهماته».