سيّد محمودصدمةٌ كبيرة تعيشها الأوساط الثقافية المصرية هذه الأيام، بعد التصريحات النارية التي أطلقها الناشر المصري الشهير محمد مدبولي. إذ أعلنَ هذا الأخير أنّه اتّخذ قراراً بإعدام الأصول المملوكة للدار لكتابين من أعمال الكاتبة المصريّة والناشطة النسويّة الشهيرة نوال السعداوي. والعملان ــــ رواية “سقوط الإمام” ومسرحية “الإله يقدّم استقالته من اجتماع القمة” ــــ كان «مجمع البحوث الإسلامية» التابع للأزهر قد أصدر بحقّهما، قبل عامين، توصيات بالمنع والمصادرة. ويومها، تعرّض مدبولي لمشكلات عديدة في توزيعهما خلال “معرض القاهرة الدولي للكتاب”، مثل معظم أعمال الكاتبة السجاليّة التي قرّرت الإقامة خارج مصر منذ عام تقريباً.
وأعرب مثقفون مصريون عن مخاوفهم من القرار الذي قد يؤدي بمدبولي ــــ وهو أشهر موزِّع كتب في مصر ــــ إلى التوقّف عن توزيع كتب أخرى من شأنها أن تخضع لمعايير المنع الاعتباطيّة والمتعددة في مصر هذه الأيام... ومع أنّ بعضهم رأى أنّ القرار “شأن خاص بصاحبه”، فإن أهل الفكر والإبداع في القاهرة عموماً، رأوا أنّ هذه الخطوة تعكس تحوّلاً خطيراً في مسيرة الدار التي تستعد للاحتفال بمرور خمسين عاماً على تأسيسها، وكانت دائماً المحطّة التي يؤمّها القرّاء من مصر والعالم العربي، للحصول على الكتب التي تحظر الرقابات العربية نشرها وتوزيعها.
من جهته، رفض الحاج مدبولي التعليق على الشائعات التي أشارت إلى قراره بشأن “حرق العمَلين”، وقال: “لم نحرق الكتب، بل قمنا بإعدام نسخهما في المخازن الخاصة بالدار ووقف توزيعهما”.
وأكّد مدبولي أنّه أبلغ نوال السعداوي بالقرار قبل أن تغادر مصر إلى بلجيكا قبل شهور، فـ«تفهّمت دوافعه تماماً» وقررت نشر العملين في دار نشر أخرى. وفسّر مدبولي (78 عاماً) قراره الذي جاء بعد مرور عامين على نشر الكتابين بالقول: “لم أكن قد قرأت الكتابين قبل أن يلفت نظري أحد الصحافيين الذين أثق بهم... وقد قال لي إنّ الكتابين فيهما شطط ضد الذات الإلهية».
ورداً على سؤال عن مخاوفه من غضب المثقفين إزاء قراره الأخير، أجاب مدبولي: “طوال عمري، أنشر الكتب الجريئة. وقد نشرتُ لنوال السعداوي نفسها أكثر من 40 عملاً. لكن كلّو إلّا الغلط في ربّنا»!