أقامت شركة Knowledgeview ورشة عمل بعنوان «Making Change Work»، تركز النقاش على تكييف وسائل الإعلام مع الثورة التكنولوجية في مجال النشر، سواء من حيث تطور وسائل التصفح ووسائل الإعداد والتوزيع، وخروج الصحف من شكلها الورقي القديم، ودخولها في العالم الرقمي، عالم الويب والديزاين والسرعةخضر سلامة
ممثلون عن تسع مؤسسات إعلامية عربية مكتوبة، التقوا ضمن فريق عمل مكوّن من 30 مختصاً ومعنياً بموضوع تكييف وسائل الإعلام مع الثورة التكنولوجية في مجال النشر، الكلمات التي ألقيت اختلفت في مضمونها تبعاً لتخصص المشارك أو تجربته، آلان مارشال، من مؤسسة Imedia advisory services ركز على تطور سوق العمل ووجوب التماشي مع نوعية الطلب الحديث على الخبر، من حيث وسائل الوصول إلى الصحيفة، أو متطلبات العقل العصري، أما أوروبند باتل، المستشار في قطاع التصميم والتحرير، فركز على أهمية تصميم صحيفة اليوم الورقية من جهة، وأهمية سهولة قراءتها وقربها من حاجات الفرد واهتماماته

، كما تطرق إلى ضرورة الاهتمام بتطوير المواقع الإلكترونية للصحف وشكل تصميمها لتلائم وسائل القراءة والإبحار عبر الإنترنت، أما الدكتور جان كرم، مدير مركز النهار للتدريب والبحث، فأشار إلى دور مؤسسات التدريب والجامعات في تحضير الصحافيين للدخول في عصر المعلوماتية، من حيث وسائل التحرير الحديثة المباشرة على الإنترنت.
ورشة العمل كانت إشارة جديدة إلى المحاولات الحثيثة التي تلجأ إليها وسائل الإعلام المكتوب اليوم لمواجهة تحدي عالم الإنترنت الآخذ في دفن وسائل النشر والتوزيع والتحرير القديمة، تراجع المبيعات الورقية العالمية لمصلحة زيادة مطّردة في اتجاه القارئ إلى التصفح الإلكتروني للخبر، وتراجع مردود الإعلان التقليدي لمصلحة الاستثمار في الإعلانات على المواقع الإلكترونية، والحاجة إلى توفير الوقت والمصروف دفعا الصحف اليوم إلى دخول عالم الرقمية من بابه العريض. تستخدم معظم الصحف الكبيرة برامج تسمح لها بالمتابعة الآنية لمراسلات موظفيها المنتشرين والأخبار العاجلة المشتركة، كما تسمح برمجيات أخرى بتحرير الخبر بشكل متصل ويوصل المقال باللحظة نفسها إلى قسم الإعداد والتنسيق، المجهز بقوالب تصميم جاهزة مرسومة على الكمبيوتر، أما في النشر، فقد أعدّت الصحف أيضاً صفحاتها الإلكترونية في تصاميم ملائمة للتصفح الحديث، عبر الكمبيوتر، أو عبر الهاتف الخلوي، الذي أمنت له تكنولوجيا اليوم تقنيات تصفح بجودة وسرعة توازي تلك الموجودة في الكمبيوتر. عدد المتصفحين عبر الهاتف الخلوي يقارب المتصفحين عبر الكمبيوتر، ما ضخم من حاجات الصحف إلى تطوير وسائل الإعداد والنشر على حد سواء. الاتحاد العالمي للصحف وضع عام 2007، مشروع صياغة مستقبل الصحف الذي ضمنه توصيات إلى الصحف العالمية بمراعاة النقلة اليومية في حاجات القارئ وطبيعته وتربيته العصرية في عالم المعلوماتية، من حيث السرعة وسهولة القراءة والتواصل عبر الإنترنت، حتى أنه وضع خطة تطوير الطباعة ونشر الأخبار «الديجيتال» عبر تشجيع التواصل بين مسؤولي الطباعة والإدارة في الصحف الإقليمية على قمة سلته لخطة عمل اليوم.
باتريك بابين، المدير السابق لمعهد الصحافة في مدينة ليل، طرح سابقاً معضلة تواجه صحافيي اليوم: «لم يعد الصحافي كاتباً فقط، بل أصبح مطلوباً أن يكون ملماً بالمعلوماتية والبرمجة لإدارة مقالته وتحويلها إلى النشر، ومطلوباً منه أن يكون ملماً بعلم الصورة والتصميم لرسم شكل مقاله المناسب للصفحة ولمزاج القارئ المستجد، وملماً أيضاً بتقنيات الأرشفة..»، آنجيلو أوغستيني، يشير في مقال له في لوموند ديبلوماتيك، إلى أن هذا التحدي الخطير أمام الصحافة المكتوبة في عالم الإنترنت، سببه تصاعد وسائل الإعلام البديل من مدوّنات ومواقع مجانية ومنتديات للحوار وللخبر، نمو الإعلام الفردي على الإنترنت، ونمو عالم الصورة أيضاً، حسب أوغستيني، يجبران صحافة اليوم على الاتجاه إلى الإنترنت، ومكننة عملها وربط الأقسام بعضها ببعض ضمن إطار برمجي موحد يسرع من وتيرة العمل، كما يجبرها على الاتجاه إلى دمج موظفيها في دورات تقنية موسمية لمواكبة النقلة التكنولوجية اليومية. إذاً، أصبحت الصحيفة المكتوبة أمام واجبين، أولاً، نقل الطباعة الورقية إلى عالم الصورة المنظمة والشكل المنمق الملائم لطبيعة الاستهلاك وقطاع الديزاين المسيطر على كل شيء، وثانياً، الوصول إلى الإنترنت وتدعيم مواقعها إعلانياً واستهلاكياً، لضمان سهولة التصفح عبر الوسائل التقنية الحديثة، وجذب القارئ الشاب البعيد عن عالم الورق، ما يجر تالياً، إلى تدعيم المواد الشبابية والعلمية.
إذاً، عالم الإنترنت الرقمي يفرض وتيرته على الصحافة المكتوبة، الصحف العربية، في ظل النمو المصنف عالمياً أولاً لعدد مستخدمي الإنترنت في الوطن العربي، وانتشار وسائل الاتصال الحديثة المجهزة بخدمات الإنترنت، تتجه إلى تدعيم طاقمها تقنياً، وربطه برمجياً من أجل مراعاة عصر السرعة والمعلومة الإلكترونية والورقة المنظمة قالباً وقلباً، في محاولة لتفادي ما يحذر منه الخبراء، مع الانهيارات المتلاحقة في السوق الاقتصادية لوسائل الإعلام العالمية المكتوبة.