تركز المصارف حول العالم على فئة الشباب، وتحديداً ما يعرف بجيل الألفية، بهدف استقطاب أكبر عدد منهم وتقديم منتجات وخدمات تتماشى وتطلعاتهم ورغباتهم، بحكم أنهم يشكلون الركيزة الأساسية للمستقبل والذين يرتبط بهم إلى حد كبير مصير القطاع المصرفي. لكن إحدى الحقائق الأساسية التي تتجاهلها المصارف هي أن هذا الجيل بطبيعة الحال سيكبر، وبالتالي فإن نظرته للأمور ومقاربته للكثير من القضايا ستتبدل، وما كان يصح اليوم لن يكون صالحاً بالضرورة بعد سنوات. فهل اعتماد العمر كمعيار للتوجه للعملاء دقيق ونهائي؟
الدراسات التي تتناول جيل الألفية لا تعدّ ولا تحصى. ومع هذا، فإن تحديد تاريخ دقيق يمكن الاستناد إليه كمعيار شامل وأوحد للفترة الزمنية التي ولد فيها الأفراد الذين يمكن وضعهم في خانة جيل الألفية لا يزال موضع أخذ ورد. لكن، وانطلاقاً من مجمل الأبحاث وآراء الخبراء على تناقضاتها، يمكن حصر جيل الألفية بالجيل الذي ولد بين عامي 1980 و1996 وإلى أقصى حد عام 2000.

مميزات الجيل
بحسب شركة Boston Consulting Group يتميّز جيل الألفية:
1- بأنه يريد الأمور بسرعة، ويريدها الآن
2- يقدر التجربة، ويعتبر الأصدقاء مصدراً موثوقاً للمعلومات
3- يفضل القيام بالأمور ضمن مجموعات، ويتطلع إلى العائلة والأصدقاء لأخذ النصيحة والمشورة والتحقق من خياراته.
4- يعتبر أن الناس يهتمون بما يقوله، وأين هو موجود، وبما يفعله.
5- متعطش للتكنولوجيا
6- ناشط بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي
7- يهتم بنفسه وبالبيئة، ويشجع المبادرات الخضراء
8- يؤمن بأن بامكانه فعل ما يريد
من منظار مالي، يمكن إضافة أن جيل الألفية هو الجيل الذي يفضل الخدمات المصرفية الرقمية على التعامل الشخصي مع موظفي المصرف، والجيل الذي تستحوذ الهواتف الذكية على مساحة واسعة من وقته، والذي يفضل التواصل من خلال البريد الإلكتروني عوضاً عن الورق، والأهم أنه جيل قليل الولاء للمؤسسة والمصرف الذي يتعامل معه، إذ إنه يبدّي التجربة على أي شيء آخر بغض النظر عمن يوفرها له.

العمر ومتغيراته
تبيّن الدراسات في علم الاجتماع أنه عندما يكون الأطفال والشباب أصغر سناً، يكون من الأسهل تعميم تصرفاتهم وسلوكياتهم، وبالتالي النظر إليهم ككل. لكن، ومع تقدم الإنسان في السن، وخاصة جيل الشباب، فإنهم لا ينضجون كمجموعة، بل كأفراد لكل منهم عاداته الاستهلاكية الخاصة.
حين يكبر هذا الجيل لن يكون بالضرورة مستعداً لقبول ابتكارات مصرفية جديدة


بالمختصر، فإن جيل الألفية الذي نعرفه اليوم لن يبقى هو عينه في المستقبل. قيم هذا الجيل ستتبدل، وعاداته الشرائية لن تبقى هي عينها. فالشباب الجامعيون اليوم والذين يعيشون مع أهلهم سينتقلون في نهاية المطاف إلى مساكن خاصة بهم، ويتزوجون ويؤسسون عائلات...
وبحسب أحدث الأبحاث التي تعنى بشؤون جيل الألفية وعلاقتهم بعالم المال والمصارف، فإن أبناء هذا الجيل يفضلون التكنولوجيا ذات التقنيات العالية، لكن ومع تقدمهم في العمر فإنهم يميلون نحو التفاعل الشخصي على حساب التفاعل الرقمي. كما أن هذا الجيل حينما يكبر لن يكون بالضرورة مستعداً لقبول ابتكارات مصرفية جديدة، وخاصة أن التطورات في هذا المجال تسير بخطى متسارعة جداً، وبالتالي قد يفضلون التمسك بالتكنولوجيا "القديمة" التي اعتادوها.
بناءً عليه، فإن إحدى أفضل الطرق التي ينصح باتباعها لناحية رصد العملاء الجدد وجذبهم والمحافظة على الموجودين منهم تكمن في تصنيفهم حسب أنماط الحياة التي يتبعونها وليس حسب الفئات العمرية.