القاهرة | على الرغم من أنه كان من المقرر أن تؤدي الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى مدبولي، اليمين الدستورية في اليومين الماضيين، إلا أن «مفاوضات» تشكيلها عادت وتعثّرت، ما أرجأ ولادتها إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى الأسبوع المقبل. ويجيء التأخير في تشكيل الحكومة، وفقاً لمصادر «الأخبار»، بسبب تدخل نجلَي الرئيس عبد الفتاح السيسي، مصطفى ومحمود، في اختيار الوزراء، والسعي إلى مزيد من التوافقات والترضيات لجهات أخرى معنية بالتشكيلة الحكومية. وإزاء ذلك، يبدو أن مدبولي لا يعارض التدخل في اختصاصاته، سواء من قِبل الأجهزة الأمنية أو نجلَي الرئيس اللذين يعملان في الوقت الحالي على هندسة التغييرات، مع تحفظهما على بعض الأسماء التي طُرحت، وخاصة مصطفى السيسي، وهو الضابط في المخابرات الذي يتقلّد منصباً رفيعاً في «هيئة الرقابة الإدارية»، بالإضافة إلى شقيقه محمود الذي يسعى إلى «تمكين عدد من الشخصيات المحسوبة عليه».ولا يقتصر تدخل مصطفى ومحمود على التشكيل الوزاري، بل يمتد إلى مجلس المحافظين، وسط تجهيز مناصب نواب المحافظين ونواب الوزراء الذين يتمّ اختيارهم وفقاً لمعايير أمنية صارمة، في الوقت الذي تُجرى فيه عملية إعادة هيكلة للوزارات المختلفة عبر الدمج والاستحداث. ورغم إعلان استقالة الحكومة بشكل رسمي، ينتاب وزراءها الذين يقومون بمهام تصريف الأعمال، الغموض، حول ما إذا كان سيتم تكليفهم مجدداً أم ستتم إقالتهم نهائياً، فيما يتردّد في أروقة النظام عدد من الأسماء المحسوم رحيلها، على غرار وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني، ووزيرة البيئة ياسمين فؤاد. أيضاً، جرى تسريب أسماء الوزراء المستبعدين في التعديل، عبر قائمة أُرسلت إلى الصحافيين ونفيت لاحقاً، الأمر الذي فاقم من حالة الارتباك، وخاصة مع السماح لوزراء بالسفر إلى الخارج لتمثيل البلاد في عدة لقاءات رسمية.
يستند نجلا السيسي في الاختيار إلى الاستفادة من أدوار هؤلاء في التجهيز لانتخابات المحليات


وفيما يتردّد أن التغيير الوزاري سيستهدف، هذه المرة، وزيرَي الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى استبعاد نحو نصف وزراء التشكيلة القديمة، فإن «الأولوية ستكون لعملية تصعيد وجوه جديدة إلى مناصب وزارية، من بينها نواب في البرلمان»، حسبما أشارت إليه المصادر. لكنّ «ثمة فائضاً في الأسماء المرشحة، التي جرى النقاش حولها بشكل مستفيض، وهو ما أحدث إرباكاً فاقمته بعض الاعتذارات التي حدثت عن مناصب وزارية، على خلفية عدم وجود صلاحيات كافية في التعامل مع ملفات حيوية»، وسط مقترحات بإبقاء بعض الوزراء مع عدم الرضى عن أدائهم. ومن بين المشكلات التي برزت أيضاً، الخلاف حول المهام التي يتوجب على الحكومة تنفيذها داخلياً وخارجياً، خصوصاً أن غالبية الوعود السابقة لم تتحقق، على رغم استمرار تدفق العملة الصعبة عن طريق الاقتراض، وتنفيذ مشروعات البيع، وغير ذلك.
وبالنتيجة، وبينما من المرتقب أن يجري رئيس الوزراء لقاءات غير معلنة مع بعض المرشحين للمناصب الوزارية، كان «تمّ اختيار أسماء هؤلاء بالفعل في اجتماعات مغلقة مع نجلَي السيسي في الأسبوع الماضي، وفُرضت على مدبولي»، علماً أن التشكيلة الجديدة تعتمد على «دمج الوزارات من أجل فصل بعض الاختصاصات وإبعادها عن أخرى أو عن جهات معيّنة»، وهي خطوة دعا إليها نجلا السيسي وبوشر العمل بها. وفي الوقت الحالي، لا تزال قوائم مرشحي الرجلين يلفّها الغموض، وحتى بالنسبة إلى الدوائر المحيطة بهما، علماً أن رؤيتهما لاختيار الوزراء والمحافظين قائمة على «الاستفادة من أدوار هؤلاء في المستقبل القريب، ولا سيما تجهيز انتخابات المحليات»، فيما «تمّ استبعاد وزراء كانوا ارتكبوا مخالفات قانونية من دون أن تجري محاسبتهم».