القاهرة | تسعى مصر إلى إبرام صفقات سلاح ضخمة مع تركيا وفرنسا والولايات المتحدة، بكلفة مليارات الدولارات، لتعزيز ترسانتها العسكرية، والتي يراها الرئيس عبد الفتاح السيسي، باعتباره قائداً للجيش، ضرورية لمواكبة «الاضطرابات الأمنية» في المنطقة. ويأتي ذلك رغم تفاقم الأزمة الاقتصادية، منذ نهاية الشهر الماضي، وإعلان الحكومة المصرية ترشيد النفقات، وإيقاف أي مشروعات تحتاج إلى الاستيراد أو العملة الصعبة، في ظلّ الشحّ في هذه الأخيرة، والذي أثر سلباً على كل المشروعات الجاري تنفيذها. كما يأتي في وقت تترقب فيه البلاد الإعلان عن التوصّل إلى اتفاق جديد مع وفد «صندوق النقد الدولي» بشأن رفع قيمة القرض الممنوح لمصر، فضلاً عن التمويل الذي ستحصل عليه الأخيرة من شركائها الدوليين بنحو 12 مليار دولار، رغم تعهدات حكومية بإيقاف الاقتراض من الخارج حتى نهاية العام المالي الحالي. وبحسب مصادر «الأخبار»، بدأ وفد عسكري مصري رفيع زيارة واشنطن، أخيراً، من أجل البحث في تفاصيل صفقات عسكرية ضخمة ستُبرم مع شركات أميركية، وسيكون جزءٌ منها مرتبطاً بالمساعدات العسكرية التي تمنحها الولايات المتحدة لمصر، فيما الجزء الأكبر مموَّل مباشرة من الحكومة المصرية، عبر قروض ميسرة. أيضاً، ترتبط زيارة الوفد العسكري المصري بخطط تسلّم القاهرة كميات كبيرة من المعدات والتقنيات المتطورة والحديثة لمراقبة الحدود البرية والبحرية، وخصوصاً على الشريط الحدودي مع قطاع غزة، من أجل ما يسمّى «منع عمليات التهريب».
وعلى خط موازٍ، تسعى مصر إلى الحصول على مساعدات عسكرية بمبالغ كبيرة من أطراف أوروبية، من أجل تأمين حدودها البحرية، ومنع عودة مراكب الهجرة غير الشرعية، وهي المساعدات التي يجري تفاوض متقدّم حولها مع إيطاليا وألمانيا، وينتظر العسكريون المصريون ردَّ نظرائهم الأوروبيين في شأنها. وتجيء هذه المساعي بالتزامن مع استمرار تسلّم مصر دفعات جديدة من طائرات «رافال» الفرنسية، وذلك ضمن الصفقات التي أبرمت في السنوات الماضية، وكان آخرها صفقة عُقدت عام 2021 بقيمة 3.75 مليارات يورو، مع شركة «داسو» المصنِّعة لهذه الطائرات، والتي زار وفدها القاهرة، هذا الأسبوع، وأجرى مباحثات مع مسؤولين مصريين في وزارة الدفاع، وعقد لقاءً مطولاً مع السيسي في قصر الاتحادية للحديث عن تفاصيل الصفقات الجديدة. ووفقاً لبيانات سابقة نشرتها «الدفاع»، ثمّة اتفاقات، أيضاً، على توريد كميات من الصواريخ الدفاعية والإلكترونيات، بقيمة 200 مليون يورو، وسط مفاوضات موسّعة جارية في الوقت الحالي بشأن نوعية السلاح المطلوب وتسهيلات السداد.
من المتوقع نشر تفاصيل الصفقات في الإعلام الغربي، وسط التكتّم المصري بشأنها


وكان سبق التفاوض مع الفرنسيين، الانتهاء من مفاوضات موسّعة مع الأتراك، جرت في الأسابيع الماضية، وتستهدف حصول مصر على صفقة من الطائرات المسيّرة التركية من أطرِزة عدّة، وهي صفقة ستمثّل باكورة التعاون العسكري، مع استئناف العلاقات بشكل كامل بين القاهرة وأنقرة في الأسابيع المقبلة. ولم يُحسم ما إذ كان سيُعلن عن تفاصيل الصفقة التي وصلت إلى مراحلها النهائية أثناء زيارة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، مصر، منتصف الشهر الجاري، أم أنه سيتم إرجاء الإعلان إلى حين الانتهاء من عدة تفاصيل فنية، مثل مواعيد التسلّم وآليات الصيانة، فضلاً عن التدريبات التي ستجرى في مجال التصنيع العسكري. ووفقاً للمعلومات التي يجري تداولها بشكل غير معلن، فإن جزءاً من صفقة المسيرات التركية سيكون بتمويلات ميسّرة للغاية وبدعم خليجي للقاهرة، وسط مقترحات مصرية بتبادل للصناعات العسكرية مع أنقرة، وهو الأمر الذي تجري مناقشته بشكل موسذع بين وفود عسكرية من البلدين.
وبالنتيجة، يبدو أن مصر تراهن على توظيف الأوضاع الإقليمية المضطربة، من أجل تمرير الصفقات العسكرية من دون ضجيج قد تستحثه هذه الأنباء في ظل الوضع الاقتصادي الخانق في البلاد. ولعلّ هذا ما يفسر التكتم الحكومي الكامل على تفاصيل الاتفاقات، التي يُتوقع نشر أرقامها في الإعلام الغربي.