القاهرة | تسعى جهات سيادية مصرية إلى احتواء الأزمة الواقعة بين القاهرة والكويت، على خلفية عدّة تراكمات، فجّرتها التصريحات العدائية ضدّ مصر الصادرة عن عدد من أعضاء مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) خلال الأيام الماضية، وزادها تعقيداً تدهور صحّة أمير الكويت، خاصة في ظلّ ميل ولي العهد إلى تلافي أيّ صدامات سياسية في الوقت الحالي.وتتّهم مصادر مصرية النواب الإسلاميين في مجلس الأمة الكويتي باستغلال الظرف الحالي، المتمثل في البلبلة الحاصلة داخل الأسرة الحاكمة واحتدام الجدل في شأن ولاية العهد في ما بعد الشيخ صباح الأحمد الصباح (توصف حالته بالحرجة)، من أجل التصعيد ضدّ مصر، فيما تواصل القاهرة «التعامل بصوت العقل»، كما يقول ضابط كبير في حديث إلى «الأخبار»، مؤكداً تقدير مصر للكويت و»عدم الالتفات إلى الإساءات الصادرة من البعض».
وبحسب التقارير التي أعدّتها الأجهزة السيادية في مصر، فإن ولي العهد الكويتي لا يزال يمانع التدخل في أيّ قضية مثار جدل حتى إشعار آخر، ولا سيما أن حديثاً واسعاً يجري داخل الأسرة الحاكمة عن آلية اختيار ولي العهد الجديد، ودور الأمير الخَلَف في هذه الآلية التي سيكون لها دور كبير في رسم مستقبل الكويت وتوجّهاتها خلال العقد المقبل على الأقلّ.
يرفض وليّ العهد الكويتي التدخل في أيّ قضية مثار جدل


وتعود جذور الأزمة المندلعة بين الطرفين إلى عدّة حوادث شهدتها الفترة الماضية، وأثارت سخطاً متبادلاً وجدلاً واسعاً في البلدين. واعترضت سفارة الكويت في القاهرة، أخيراً، في رسالة رسمية إلى الخارجية المصرية، على مقطع فيديو فكاهي قام بتصويره أحد الشباب، يدعو فيه إلى حرق علم الكويت. وهي الواقعة التي تمّ على إثرها توقيف الشاب والتحقيق معه، قبل الإفراج عنه بكفالة مالية عقب «إثبات حسن نيّته وعدم رغبته في الإساءة إلى الكويت». كذلك، شهد مجلس الأمة الكويتي انتقادات حادّة لوزيرة الهجرة المصرية، نبيلة مكرم، على خلفية تصريحاتها المدافعة عن وجود المصريين في الكويت، والداعية إلى محاسبة المتجاوزين بحقهم، بعد تعرّض مصري للصفع من مواطن كويتي.
وعلى إثر تلك التطورات، شهد أول من أمس مباحثات هاتفية مطوّلة بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره الكويتي أحمد ناصر الصباح. وأبدى شكري، في الاتصال، استياءه من طريقة إدراج مصر على قائمة الدول الممنوع دخول مواطنيها إلى الكويت، قبيل دقائق فقط من إقلاع أول رحلة مستوفية جميع الشروط التي كانت فرضتها السلطات الكويتية مع بدء الرحلات التجارية إلى مطار الكويت مطلع آب/ أغسطس الجاري. وشدّد شكري على ضرورة تسوية الأوضاع بشكل عاجل، وخاصة أن هناك أعداداً كبيرة من المصريين الذين ستنتهي إقاماتهم مع نهاية الشهر الحالي، ويرغبون في العودة إلى بلادهم حتى لا يكونوا مخالفين وفق الإجراءات المُطبّقة من السلطات الكويتية. وأكد شكري أن مصر تتفهّم العديد من الظروف والمتغيّرات، لكن في الوقت نفسه «لا يمكنها أن تقبل بتجاوز حقوقها وحقوق مواطنيها»، مطالباً بموقف كويتي رسمي واضح في هذا الإطار. من جهته، تعهّد الوزير الكويتي بمراجعة إدراج مصر في قائمة الدول الممنوعة، مشدّداً في الوقت عينه على أحقية الكويت في وضع الضوابط التي تراها مناسبة لدخول المصريين من دون تعسّف وتمييز.