غداة إعلان فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي رسمياً في الانتخابات المصرية، رأت صحفٌ غربية أن السنوات الأربع المقبلة على مصر، وهي مدة الولاية الثانية للسيسي، لن تكون سهلة، خصوصاً إذا ما اتجهت البلاد إلى تعديل الدستور وتمديد حكم الرئيس، الأمر الذي يروّج له مناصروه حالياً.
الرئيس المصري الأكثر استبداداً
رأت صحيفة «ذي واشنطن بوست» الأميركية أن إعادة انتخاب السيسي تُعمّق قبضته على مصر، ما يجعله «الزعيم الأكثر استبداداً في مصر، منذ أصبحت جمهورية عام 1953». تقرير الصحيفة أشار إلى محاولات تمديد ولاية الحكم لإبقاء السيسي في منصبه، لافتةً إلى أن طموحات السيسي تنمّي استياءً داخل قطاعات واسعة من الشعب، وداخل المؤسسة العسكرية أيضاً. وتحدثت الصحيفة عن علاقة السيسي بترامب، الذي قال في رحلته إلى السعودية إن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط لن تصبح أولوية للبيت الأبيض، «التصريحات التي ازداد بعدها قمع السيسي» بحسب الصحيفة.
في السياق نفسه، اعتبرت صحيفة «التايمز» البريطانية أن هذه الانتخابات التي لا تمثل خطوة نحو انتقال ديموقراطي، «تجعل السيسي في زمرة رؤساء شرق أفريقيا بحسب نسب انتخابهم، من بينهم رؤساء إثيوبيا (100 في المئة)، رواندا (99 في المئة)، وكينيا (98 في المئة)». الصحيفة التي أشارت إلى أن فوز السيسي «يُنذر بسنوات عصيبة أخرى»، وتطرّقت إلى علاقة مصر بالغرب الذي «يثمّن مساهمة سياستها الخارجية، إلى درجة أنه يتغاضى عن انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد». كذلك، استعرضت العوامل التي تجعل الغرب صامتاً تجاه ممارسات السيسي وحكومته، فتقول إن «علاقات مصر الديبلوماسية مع إسرائيل ضرورية»، كما أنها «تواجه الجماعات المتشددة في سيناء، وتساعد في منع وصول المهاجرين إلى أوروبا، وهي طرف في الحرب على تنظيم داعش». ولفت تقرير الصحيفة إلى أن رئاسة السيسي التي تعتمد على الجيش والشرطة «لا بد أن تكون مصدر قلق ليس للغرب فقط، بل للمنطقة أيضاً».


لماذا لا نفعل مثل الصين؟
من جهتها، رأت مجلة «ذي أتلانتك» الأميركية أن حكم السيسي في مصر هو «حكم مطلق»، حيث أن قلّة تتوقع أن تشهد هذه الفترة إصلاحات سياسية، مثل نداء لفتح المجال في المجتمع المدني أو تعزيز شبكات الأمن الاجتماعي إذ تعدّ مصر الأكثر هشاشة في هذا المجال. وقالت إن أولويات السيسي في الولاية الثانية تبقى مثلها في الأولى: الأمن والاقتصاد، لافتةً إلى أنه على السيسي أن يبدأ التفكير جدياً في من سيخلفه، في ظلّ احتمالات التوجه إلى تعديل الدستور بعد استفتاء عام ليحكم السيسي لولاية ثالثة.
وعلى رغم ضعف المعارضة حالياً والتشكيك في قدرتها على منع حصول استفتاء مشابه، تعتبر المجلة أن على السيسي ألا يكون مطمئناً مئة في المئة. فنسبة المشاركة الضئيلة في الانتخابات الأخيرة على رغم محاولات السيسي لتعبئة الناخبين، تدل على مستوى كبير من لامبالاة الجمهور، ما ترى المجلة أن عليه أن يقلق القاهرة.
أما صحيفة «وول ستريت جورنال»، فقد أشارت إلى أن مؤيدي السيسي يبحثون، حالياً، عن طرق لتمديد حكمه لأكثر من أربع سنوات: «قال مناصرو السيسي إنهم يعدّون للضغط من أجل تغيير في الدستور للسماح للسيسي بالبقاء في السلطة أكثر من ثماني سنوات». وأشارت الصحيفة إلى الاتهامات للسيسي بنيته لحكم مدى الحياة، ما يذكّر برؤساء (مصريين) سابقين ظلّوا في السلطة لعقود.
ونقل التقرير عن بعض القانونيين والإعلاميين المؤيدين للسيسي وجهة نظرهم في هذا المجال. الإعلامي عماد الدين أديب قال في حديثٍ إلى الصحيفة قبل أسبوع: «ليس هناك بلد أكبر من الصين، وهم (الصينيّون) غيّروا للتوّ الدستور ليمنحوا الرئيس ولايةً مدى الحياة». إلى ذلك، لفتت الصحيفة إلى تهنئة ترامب للسيسي بعد إعلان النتائج، من دون أن يذكر الرئيس الأميركي حملة القمع التي سبقت الانتخابات وطاولت مرشحين ومرشحين محتملين للرئاسة.