عندما أعلن الوليد بن طلال في حزيران (يونيو) 2010، نيّته إطلاق قناة إخبارية جديدة، تساءل كثيرون عن سياسة هذه المحطة الجديدة. وقتها، ردّ ببيان صحافي قائلاً: «القناة ستكون داعمة لخطّ الاعتدال». اليوم بعد أكثر من سنة على هذا الإعلان، عاد الحديث عن هذه القناة إلى الواجهة. أطلّ الوليد أول من أمس ليعلن انطلاق محطّته الجديدة «العرب» عام 2012 تحت راية «الحرية والتنمية». إذاً «هجر» الأمير السعودي خطّ الاعتدال، واختار الالتحاق بركب الثورات العربية. وسيكون موعدنا مع قناة «العرب» «على الأرجح نهاية عام 2012» يوضح مدير المحطة جمال خاشقجي لـ«الأخبار». ومن المنتظر أن يكون 12/12/2012 هو تاريخ انطلاق البث. ويعلن خاشقجي أن اختيار فريق العمل لم يحصل بعد، «بل نحن في صدد التفاوض مع عدد من الصحافيين». ويكشف الصحافي السعودي عن اختيار يحيى المصري مديراً تنفيذياً «على أن تبدأ قريباً التعيينات في أقسام التسويق، والبرمجة، وشؤون الموظفين».
أما عن التوجّه السياسي للقناة، فأكّد خاشقجي أنها ستكون مستقلّة، ولن تتحوّل إلى ناطق رسميّ باسم النظام السعودي، وهو ما قاله أيضاً الوليد في مؤتمره الذي عقده أول من أمس في مقر شركة «المملكة القابضة» في الرياض. إذ أكّد أن لا وصاية لوزير الإعلام السعودي على القناة، وأن لا توجّه لـ«سَعْوَدَتها لأن توجّهها الأساسي هو عربي إسلامي».
هكذا يعبّر خاشقجي عن سعي «العرب» إلى «تقديم ما يرغب فيه المشاهد العربي. وبات واضحاً أنّ هذا الجمهور يريد الحرية، وهو مع الثورات العربية، لذلك سننقل له هذا الحراك الشعبي»، نافياً أن تقف القناة مع طرف ضدّ آخر. لكن هل ستنطبق هذه السياسة على الحراك البحريني واليمني؟ يجيب خاشقجي باقتضاب: «كل بلد يشهد تحركاً شعبياً سنغطّي أخباره».
وكان الوليد بن طلال قد أعلن أنه لم يختر بعد المقرّ الرئيسي للفضائية، وإن كان حصر الخيارات في دبي، أو أبو ظبي، أو الدوحة، أو المنامة أو بيروت. إلا أن خاشقجي يوضح لـ«الأخبار» أن الخيار البيروتي مستبعد في ظلّ «الضغط السوري على لبنان والمنطقة». ويضيف مستفيضاً في التعبير عن رأيه السياسي «لكن مع سقوط النظام السوري، نتوقّع أن تستعيد بيروت بريقها الذي عرفته في الخمسينيات والستينيات، وتعود قبلةً للحريات».
وماذا عن ميزانية المحطة؟ يرفض رئيس التحرير السابق لصحيفة «الوطن» الكشف عن أي أرقام، لكنّه يكرّر ما أعلنه الوليد في مؤتمره، فيقول «لدينا أموال كافية لدعم القناة طيلة عشر سنوات، حتى لو كان مدخولنا الإعلاني معدوماً».
إذاً تمويل المحطة مؤمّن «بالكامل من قبل الأمير» يقول خاشقجي، مؤكداً أن القناة مستقلّة، وسقف حريّتها مرتفع.
لكن في ظلّ سيطرة قناتَي «الجزيرة»، و«العربية» على المساحة الإخبارية في الفضاء العربي، يبدو دخول أي قناة جديدة على خطّ المنافسة مهمّة صعبة. إلا أنّ خاشقجي يبدو واثقاً من قدرة «العرب» على مزاحمة الفضائيتَين القطرية والسعودية، «إذا دخلنا السوق بمنطق من دون نية التنافس، فسنبقى في المرتبة العاشرة، لكننا ندخل الفضاء العربي وعيننا على المرتبة الأولى». ورغم تفاؤل خاشقجي، علمت «الأخبار» أن دراسات أجريت حول الجدوى الاقتصادية لهذه القناة، ولم تكن النتائج مشجّعة، في ظل استحواذ «الجزيرة»، و«العربية» على النسبة الأكبر من المشاهدين العرب.
وفي إطار السعي لدخول حلبة المنافسة، بدأ خاشقجي البحث عن سبل جديدة «للتميّز عن باقي القنوات»، متمنياً لو يعود الزمن 15 سنة إلى الوراء، أي يوم دخلت «الجزيرة» الفضاء العربي «في ظل غياب أي منافسة جدية، لكن اليوم الوضع أصعب بكثير، وأظنّ أن كل الفضائيات تبذل مجهوداً مضاعفاً للحفاظ على مكانتها». ولعلّ أحد أوجه التميّز التي سترافق بثّ «العرب» هو الاتفاق مع وكالة «بلومبرغ bloomberg» المختصة بالأسواق المالية، على تسلّم هذه الأخيرة الأخبار الاقتصادية في المحطة، «ستقوم الوكالة مع صحافيينا وخبرائنا بتحضير الأخبار الاقتصادية التي ستذاع على القناة». ويبدو أن مساحة واسعة من هواء القناة ستخصّص للجانب الاقتصادي، وفق ما أعلن الوليد.
وماذا عن روبرت مردوخ شريك الوليد بن طلال؟ هل سيكون شريكاً في المحطة؟ أم أنه لم يشف بعد من ارتدادات فضيحة «نيوز أوف ذي وورلد»؟ يبدو واضحاً أن بن طلال لن يقحم صديقه في فضائيته الجديدة، وهو ما أكده خاشقجي «لأن المحطة مملوكة فقط للأمير».
في 2012 إذاً موعدنا مع قناة «العرب»، فهل تنجح المحطة في حجز حيّز لها في الفضاء العربي؟ أم أن سعيها للموازنة بين «الحرية» والتزاماتها (وقيودها) السعودية سيفقدها بريقها
سريعاً؟
إصلاح في السعودية؟
في وقت أصرّ فيه الوليد بن طلال على رفع شعار «الحرية ومواكبة تطلعات الشعب العربي»، أعلن أن قناة «العرب» ستواكب «التطور والإصلاح والتنمية التي تعيشها السعودية»، من دون إعطاء أي تفاصيل إضافية عن حقيقة هذا الإصلاح والتنمية، مضيفاً إن المحطة «تلتزم تقديم تغطية تعكس أجواء الحرية الإعلامية والجرأة مع الالتزام بالصدقية... التي تعدّ أولوية بالنسبة إلى مديرها (جمال خاشقجي)». وفي ظلّ كل هذه الشعارات الرنانة، يبقى السؤال الأبرز: هل يحقّق الوليد بن طلال النفوذ السياسي الذي لم يحصل عليه رغم وزنه الاقتصادي والاجتماعي في عدد كبير من الدول العربية؟
6 تعليق
التعليقات
-
قناة الوليد بن طلالاذا كان خط القناة معتدل فما المانع من ان تشتهر و بالاخص اذا استطاعت توظيف المذيعين و المذيعات الذين تركوا قناة الجزيرة مؤخرا و هم معروفون على الصعيد العربي و الدولي و بالتالي ستكون المنافسة قوية منذ البداية
-
الله يبشرك بالخيريعني هلق صار فيني اتطمن انو حيادية .. منطق .. فكر .. ويمكن حتى دعم للعرب .. يعني هلق صار فيني موت بسلام انو انا تاركة عقول رح بتفكر عنني وتأخود العرب بالطريق الصحيح
-
هل حقاهل انا حقا اقرا خبرا كهذا في جريدة كالاخبار? ماهذا الاسترخاء يااخبار في هذه المعمعة المصيرية?
-
لا ...كتير مستقلة"«لكن مع سقوط النظام السوري، نتوقّع أن تستعيد بيروت بريقها الذي عرفته في الخمسينيات والستينيات، وتعود قبلةً للحريات»" على راسي بيروت ... بس ما عرفت شو دخل النظام السوري أو جماعتنا بلبنان بالحرية الصحفية ... ليك هي الأخبار .. هي المستقبل .. كلن ضد النظام السوري .. مين إجا صوبن ... بس عنجد مستقلة عن واحة الديمقراطية في العالم العربي ... المملكة الوهابية السعودية ... يلعن أخت المصاري ... لولا النفط كانو لهلا عم يتحمصو بهالصحرا ..
-
يعني راح تغطي أحوال الناسيعني راح تغطي أحوال الناس المظلومة في دول النفط ومظاهراتهم التي لا تغطيها العربية والجزيرة وبنفس الأسلوب المتبع مع مصر وليبيا وسورية واليمن ؟
-
عن أي حرية تتحدثون ؟؟الوليد لم يغير شيء كما يوحي تقريركم ، فالثورة المضادة المدعومة بالمال الخليجي تريد إحلال أنظمة لا تختلف بالجوهر عن أنظمة الاعتدال الساقطة ، إن ثورات لا تطرح قضية الاستقلال عن التبعية للغرب هي ثورات زائفة ، فمشكلتنا الأساسية تكمن في التبعية للغرب و تكمن في التهرب من مواجهة قاعدته في المنطقة ( إسرائيل) ، و كل المشاكل الداخلية الأخرى ليست سوى أعراض لذلك المرض الرئيسي ، كيف يمكن أن تكون أيها العربي إنساناً حراً إذا كنت تعيش في بلد يحكم من السفارة الاميركية و تسخر مقدراته لخدمة الولايات المتحدةو مصالحها؟؟ نحن اليوم في العالم العربي لا نكاد أي إعلام حر يتحدث بلسان مصالحنا إعلامنا من الجزيرة إلى العربية يتحدث صراحةً أو مواربةً بلسان مصالح و رغبات السيد الاميركي و على هذا الأساس يحاول صياغة وعي و إدراك الشعوب العربية .