خلال أشهر، شهد شارع الحمراء ومحيطه انتعاشاً استثنائياً، أعاد الحياة الليلية والثقافيّة إلى المنطقة. حصل ذلك على غفلة: عشرات النوادي والمقاهي والحانات حوّلت الشارع الشهير وجواره إلى ما بلغته قبلها منطقة مار مخايل/ النهر، وقبلها شارع الجميزة، وقبلهما شارع مونو.هذا المساء، يضاف إلى هذه الحالة فضاءٌ لا يشبه غيره في منطقة رأس بيروت. إنّها «جمهورية الموسيقى الديمقراطية» التي تقترح شكلاً خاصاً للسهر. المشروع تابع لـ «فوروارد ميوزك» التي تعنى بإنتاج و/ أو توزيع التجارب الفنية (المحلية الجادّة أساساً). أما في الشكل، فهو أقرب إلى «ميوزكهول» (الكائن على أطراف رأس بيروت لجهة الوسط التجاري)، لجهة البرمجة الموسيقية الجدية الحية إلى جانب خدمة الطعام والمشروب.
إذاً، الافتتاح هذا المساء للتعرّف إلى المكان مع عروض موسيقية حية لمجموعة من الفنانين المنضوين تحت «فوروارد ميوزك»، فيما ينطلق مهرجان «جمهورية الموسيقى الديمقراطية» رسمياً غداً الخميس.
نظرة متمهّلة إلى المحطّة الأولى من البرنامج الذي ينقسم إلى جزء محلي وآخر أجنبي، تكشف أن الموسيقى والغناء يحتلان الحيز الأكبر، لكنّهما لا يحتكران كل العروض، إذ يفرد المنظمون مساحة لـ «موضة» الـ Stand Up Comedy (نمر أبو نصّار في 10 / 6). لا مفاجآت تُذكَر في الجانب الفنيّ المحلي، وكذلك بالنسبة إلى الجانب الغربي، باستثناء الموعد الأبرز مع عازف الغيتار الأميركي ستانلي جوردان (16/ 6). وهنا، ثمة سلبية يجب أن يدركها القيمون على المشروع، تكمن في الظهور المتكرِّر في الآونة الأخيرة للفنانين المحليين الذين يقدمون أمسيات «الجمهورية». بمعنى آخر، قد لا يتحمّس الجمهور لهذه المواعيد. وإن لم تكن الحال كذلك بما أن المكان قد يجذب الناس لمجرد أنه جديد، فعلى «الجمهورية» أن تعي أهمية مرحلة ما بعد 25 حزيران (يونيو)، أي موعد الأمسية الأخيرة في البرنامج، وخصوصاً أنّ التاريخ المذكور يعدّ بداية الموسم السياحي مع برامج المهرجانات الكبيرة التي تتخطى بأهميتها ما تقدّمه «جمهورية الموسيقى الديمقراطية» في الجانبين الترفيهي ـــــ الفنّي، والسياحي.
في مناسبة صدور ألبومه الخامس «سينما بيروت» (توزيع «فوروارد ميوزك»)، يفتتح الفنان توفيق فرّوخ البرنامج، ليؤدّي مؤلفاته الخاصة مع فرقته (راجع المقال في مكان آخر من الصفحة).
فرّوخ الذي ينفرد في تقديم أمسيتيْن متتاليتيْن (2 و3/ 6) في DRM، يحلّ ضيفاً أيضاً السبت المقبل على «جامعة البلمند» (الكورة، شمال لبنان)... مع فارق «بسيط» أنّ الدخول مجاني في الإطلالة الشمالية.
في الرابع من حزيران (يونيو)، يحلّ عازف العود والمؤلف الموسيقي شربل روحانا ضيفاً من «أهل البيت» على «الجمهورية»، كما هي الحال مع عيسى غندور (11/ 6) وزياد سحّاب (17/ 6) وسميّة بعلبكي (24/ 6)، وكلها أسماء تحتضنها «فوروارد ميوزك» في الفترة الأخيرة. والمعروف أن لكل من هؤلاء الفنانين ألبوماً أو ريبرتواراً بات يمثّل نواة إطلالاتهم الأخيرة، وخصوصاً بالنسبة إلى المغني عيسى غندور (مشروع «سيد درويش»)، والفنانة سمية بعبلكي (مشروع «التانغو العربي»)، ما يفرض، إما الانكفاء لفترة يجري خلالها العمل على جديد، وإما تطعيم الأمسية بمفاجآت تشفي غليل الجمهور المتطلِّب.
الكلام السابق قد لا ينطبق على تانيا صالح (9/ 6) التي يبرّر ألبومها الجديد «وحدة» كثرة إطلالاتها الحيّة هذه الفترة.
والجدير بالذكر أن الفنّانة اللبنانية تنبّهت منذ ألبومها الأول إلى مسألة الاجترار. بمعنى آخر، غابت صالح للعمل على ألبومها الثاني، فأتى غيابها مبرّراً للإتقان الذي يميّز جديدها، كما دأبت على إدراج أغنية جديدة أو أكثر في الأمسيات التي قدّمتها قبل إصدار العمل الأخير. تقدِّم صالح برنامجاً يتألف من أغانيها الخاصة (الجديدة على نحو أساسي) الذي يمثّل فيها النص نواة مشروعها، لما للكاتبة (قبل الملحنة والمغنية) من حسّ في التقاط نبض المجتمع اللبناني المعاصر، والتعبير عنه من منظور خاص، ونقديّ، وصائب إجمالاً، وساخر وحقيقي.
إذاً، أهلاً بكم في «جمهورية الموسيقى الديمقراطية»... المشروع الذي يكمل الحلقة في جمهورية غازي عبد الباقي بعد التأليف والعزف والتوزيع والإنتاج الموسيقي.
www.forwardmusic.net