وصل وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال طارق متري، قبل الجميع تقريباً. كان هناك بضعة صحافيين في القاعة، حين دخل الوزير «مسرح بابل»، حيث عقد مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية «سكايز»، التابع لـ «مؤسسة سمير قصير» ندوةً، أمس، في مناسبة اليوم العالمي للصحافة. مشى متري إلى حافة المسرح بخطوات سريعة، يرافقه ظل رمادي مرقط بالأبيض لم يكن سوى أحد رجال الأمن. ألقى الأخير نظرة خاطفة على الحضور، وتحسس سلاحه لبرهة. وبعدما تجمع ناشطون في المركز حول متري، اكتشفوا أن حضوره المبكر ليس من باب الحماسة.
فقد أخبر الحاضرين أنه فوجئ بموعد طارئ في الثانية عشرة والنصف ظهراً. هكذا، ساد جو من التململ في انتظار اكتمال الحضور. اقترب عقرب الساعة من موعد الوزير، ولم يحدث ما يوحي بأن الحشد كافٍ لإطلاق الاحتفال. وانعكس هذا الارتباك بوضوح على وجه الوزير الذي جلس على حافة المسرح، تحت صورة عملاقة للشهيد سمير قصير.
المؤكد أنّ عدد الحاضرين، لا يعكس الصورة الحقيقية لشعبية سمير قصير التي يُفترض أنها تفوق ذلك بكثير. واللافت أن رئيسة مركز «سكايز» الإعلامية جيزيل خوري، غابت هي الأخرى، بعدما اضطرت إلى الذهاب فجأةً إلى القاهرة، كما أعلن نائب رئيس المركز مالك مروة. لم تتوقف الغيابات هنا، إذ لم تلق سفيرة الاتحاد الأوروبي انجلينا أيخورست، كلمةً في الاحتفال، كما كان مقرراً لأسباب مجهولة. هكذا، اقتصرت الكلمات على مداخلة للوزير متري، فضّل فيها «عدم الحديث عن شهداء الصحافة»، بل اكتفى بتوجيه تحية إلى سمير قصير، مذكّراً بمواقف الراحل «الرافضة للأيديولوجيات الثنائية التي لا ترى في لبنان إلا فضاءً للتصدي وأرضاً للمناورة». وعلى نقيض من مواقف متري السياسية، ألقى نقيب الصحافة محمد البعلبكي كلمةً طويلة استعاد فيها اغتيالات صحافيين عديدين، كنسيب المتني، كامل مروة، وصولاً إلى سمير قصير. ورغم أن متري رحل قبل بدء البعلبكي كلمته، وجّه الأخير إليه التحية في غيابه، مستفقداً «السيدة جيزيل» هي الأخرى.
بدوره، اختصر مالك مروة كلمته. توجه إلى رفيقه سمير قصير بالمعايدة، لأنه كان سيبلغ الـ 51 اليوم. لم يجد ما يقوله له، سوى الأخبار الجديدة الآتية من البلاد العربية، عقب التحركات الشعبية الأخيرة التي يعيشها العالم العربي. وبعدها، شاهد الجميع الفيلم الوثائقي الذي أعده «سكايز» بعنوان «عيون سمير قصير» (راجع الكادر). يرصد الشريط الانتهاكات بحق الصحافيين في لبنان، سوريا، الأردن، وفلسطين، لكن كان لفلسطين حيز كبير من اهتمام المؤسسة هذه المرة.
عيون سمير على فلسطين
فيلم «عيون سمير قصير» الذي أخرجه حسين غريب، كناية عن شهادات للصحافي الكردي السوري مسعود عكو، الذي تحدث عن تجربته مع أجهزة الأمن السورية قبل اللجوء إلى لبنان. بعدها، شاهدنا الشاعر الأردني إسلام سمحان يتحدّث عن تجربة السجن بعدما اتهم بازدراء الأديان بسبب ديوانه «برشاقة ظل». وطبعاً، كان لعمر حرقوص حصة حين روى حادثة الاعتداء الشهير الذي تعرّض له. وخصّص الفيلم مساحة لعرض تجارب صحافيين في غزة، والضفة الغربية، والقدس. وأظهرت الشهادات نوعاً من السباق بين الاحتلال الإسرائيلي والسلطات الفلسطينية على قمع الإعلاميين. وفي نهاية الفيلم، أغمض قصير عينيه مجدداً ريثما يكتمل «ربيع العرب» يوماً ما.
2 تعليق
التعليقات
-
احتفال يغيب عنه سمير قصيرلم يشبه سمير قصير اي شيء في هذا الاحتفال الا المسرح، مسرح بابل، الواقع في الحمرا، جامعة المسارح والحرقة الثقافية التي انتمى اليها سمير قصير. ولكن اليوم، يحتفلون بسمير قصير من دون الشعب، وباهمال مطلق، حتى جزيل خوري لم تحضر، فما الذي أخرها عن هذا الاحتفال، مقابلة تلفزيونية؟ موعد مهم؟ هل حضر الياس خوري؟ ما حدن قال عنو شي بهالمقال. هذا الاحتفال المقزز يعني فقط ان الناس لا يحبّوا هذا المركز او لا يحبون الوزير متري، او غير موافقون على كل هذه البروباغندا، ولكن الناس يحبون سمير قصير، ومنذ فترة غير قصيرة حيّا المحتلفون في مسرح بابل في مهرجان تضامني مع ثوار مصر وتونس وكل الشعوب العربي حيوا سمير قصير في كل كلمة، وكان المهرجان حاشداً، شعبياً وثقافياً ونوعياً وبحضور اعلامي مكثف، نقلت على اثره الفضائيات وبينها الجزيرة تقارير مفصلة عن هذا الحدث. وهناك من قالوا لسمير قصير هذا هو ربيع العرب، وصفّق له الحضور. حان الوقت لاستعادة سمير قصير الى مكانه الطبيعي، العروبي، الشعبي، الى هويته الطبيعية المناصرة للحريات من منطق تحرري عربي، وليس من منطق اوروبي اميركي نخبوي لا يأبه حتى بسمير ويفضل السفر لقضاء حاجة على ان يكرم هذا الصحافي الفذ. وعجباً على فيلم سطحي يعرض في نهاية حفل فاشل، لا يرى من سمير قصير الا اعتداء على احد الصحافيين على خلفيات سياسية. فيما عالم سمير، هو عالم واسع، يضج صداه في عواصم دول، ويهز كلامه العروش. بعد هذا الاحباط، لا يمكننا الا ان نردد مع سمير: ليس الاحباط قدراً
-
تحيةارجو ان تكون جريدتكمتحية ارجو ان تكون جريدتكم اكتر موضوعية في نقل الخبر لان المصدقية اصبحت مفقود لديكم.وشكرا