تحت عنوان عريض هو «من المسرح إلى الشاشة»، انطلقت أمس الدورة السادسة من «مهرجان أفلام الطلاب» في «جامعة سيدة اللويزة» بمشاركة واسعة من الجامعات اللبنانية و80 فيلماً أنجزها الطلاب (بين روائي، ووثائقي، وقصير وتحريك) وتتنافس على قلب لجنة التحكيم التي يرأسها اميل شاهين بعضوية: سام لحود، منى طايع، جوزيف بو نصار، جورج خباز، غبريال شمعون، جورج شمشوم، غيدا مجذوب...
هذا العام، يركّز المنظمون على البعد الأكاديمي عبر التعاون بين «جامعة سيدة اللويزة» و«جامعة زايد» (أبوظبي) و«جامعة فامو» (براغ)، وعلى أهمية اللقاء الثقافي الذي سيتيحه المهرجان من خلال مشاركة المخرجين الشباب بأفلامهم، أو عبر المشاركة المحلية، والعربية والعالمية مع أساتذة جامعيين، ومخرجين ومنتجي أفلام ومجموعات سينمائية مستقلة وإعلاميين في لجنة التحكيم والإشراف على ورش تدريب ومسابقات ونقاشات.
ومن الأسماء المشاركة هذه السنة المخرج والمنتج جورج شمشوم، والمصورة السينمائية موريال أبو الروس من لبنان، والمخرجة والأكاديمية علياء يونس (جامعة زايد)، وعميد «جامعة فامو» بافل جش، والمدير الفني لـ«مهرجان الفيلم المستقل» في بروكسل سلفادور ليوكاتا، والممثلة صوفي نورمان من السويد وغيرهم العديد من الأسماء. وأمس، كرّم المهرجان في ليلة الافتتاح ثنائياً من أبرز روّاد الخشبة اللبنانية: إنّهما أنطوان ولطيفة ملتقى اللذان سبقهما إلى التكريم في الدورات الماضية أسماء كيوسف شاهين، ريمون جبارة، جوسلين صعب، رندة الشهال، ليليان نمري، وجوليا قصار... تكريم اثنين من روّاد الخشبة اللبنانية آت من تيمة المهرجان «من المسرح إلى الشاشة». يقول المدير الفني للمهرجان نيكولا خبّاز لـ«الأخبار» اختاروا هذا الشعار لأنّ «معظم الأفلام الناجحة في تاريخ الفن السابع مقتبسة عن المسرح. وقد اخترنا لهذا العام ملصقات أفلام موسيقية مقتبسة عن المسرح مثل «شبح الأوبرا» و«شيكاغو» و«بيّاع الخواتم»». المختلف الذي سيسعى المهرجان الى تقديمه هذا العام سينقذه في حال جاء مستوى الأفلام المشاركة مخيباً للآمال، فالنشاطات المرافقة لأيام المهرجان الذي يستمرّ حتى 25 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي تشكّل مساحةً للتلاقي والنقاش والتعارف وتبادل الخبرات وربما التعاون اللاحق بين المشاركين المتعارفين.
من ضمن النشاطات حلقات تدريب يديرها الممثل البريطاني النيجيري حكيم كاي كظيم (21/11) تحت عنوان «من شكسبير إلى الشاشة». سيغوص حكيم في الفروق بين التمثيل الشكسبيري على الخشبة وذاك على الشاشة الكبيرة. أما «الليلة البيضاء (23/11)، فتقتصر على مشاهدة أفلام قصيرة من اختيار مخرجين تبدأ عند انتهاء العروض، وتنتهي عند الفجر، وعلى ورشة عمل (أربع دقائق أربعة أيام) ستفضي الى تصوير وإخراج مجموعة أفلام تبلغ مدتها أربع دقائق في أربعة أيام، يتم بعدها اختيار الفيلم الأفضل.
أصبح من السهل القول عن الطلاب والمخرجين والعاملين في مجال السينما في لبنان إنّهم لا يجتمعون إلا في المناسبات، من دون أن تنتج هذه الفعاليات أي خطوة أو مبادرة صوب توحيد الجهود لدعم الفيلم اللبناني أو دعم المخرج والممثل والعامل فيه. من الواضح أنّ الجهة الرسمية المسؤولة عن دعم السينما أو الأفلام أو تكريم السينمائيين وتوثيق أعمال السينما اللبنانية ستبقى غائبة وسيبقى الاعتماد كله على المجهود الذاتي أو الجماعي المستقل.
وبما أنّ هذا المهرجان سيأخذ طابعاً أكاديمياً، يجدر تذكير المشاركين والمجتمعين وخصوصاً الطلاب منهم بوجوب إحياء مشروع إنشاء مكتبة للأفلام السينمائية اللبنانية بسبب أهميتها في البحوث والدراسة والتوثيق للأعمال والأسماء السينمائية المبادرة التي إما غابت وإما أُهملت.
ببرنامج مكثف وعروض كثيرة، تشارك كلّيات الأفلام في لبنان من دون استثناء في «المهرجان السادس لأفلام الطلاب». تعرض أفكاراً ورؤى ومواضيع جديدة للشباب، مع ورشة عمل بإدارة عميد «فامو» تحت عنوان «عشر نكات ستعلمك كل شيء عن كتابة النص». ويتابع المهرجان مع عروض مسائية يفتتحها اليوم فيلم «الفيل» (6 د) من إخراج ربى زعرور من «جامعة اللويزة» عن قصة حب وتضحية ومأساة داخل عائلة، يليه فيلم «صانعو الأفلام» (23 د) لجون بو شعيا من «جامعة البلمند» حول شابين من ضواحي بيروت يضطران لتصوير فيلم بسبب تخطيطهما لتهريب الكوكايين في شريط العمل. استعادة عصر بيروت الذهبي لن تقتصر على المسرح من خلال تكريم أنطوان ولطيفة ملتقى، بل إنّ ذلك يمتد إلى معرض «أيامنا الحلوة» الذي يستعيد أفيشات ومصقات الافلام التي أُنتجت في الستينيات والسبعينيات. تحمل تمارا اسماعيل ذكريات أهلها أو ذكريات جيل الستينيات والسبعينيات الى المهرجان عبر أفيشات للأفلام القديمة، وخصوصاً تلك التي أنتجت باللهجة المصرية في لبنان. جمعتها الشابة بمجهود جبّار واستثنائي. بعدما كانت قد نجحت في الحصول على أكثر من ملصق عن طريق المصادفة، أحبّت المخرجة اللبنانية العودة الى تلك الحقبة، فانطلقت في رحلة بحثاً عن ملصقات تلك الأفلام وأخرى لبنانية وعربية. خلال رحلتها تلك، تعرّفت إلى موظفين متقاعدين من صالات السينما الهرمة في طرابلس، أو في الحمرا وفي مستودع صاحب «دار الفرات» عبودي أبو جودة (الأخبار 11/6/2012) الذي سبق تمارا الى حبّ تلك الأفيشات منذ السبعينيات. وفي طريقها، تمكّنت من الحصول على ملصقات ليست موجودة حتى عند أصحاب الأفلام، كبوستر فيلم «الإعصار» الذي لم يكن يملك مخرجه سمير حبشي نسخة عنه. رويداً رويداً، أخذتها رحلتها الى عشوائيات القاهرة حيث تنام العائلات الفقيرة إلى جانب وجوه تلك الملصقات.
هذه الرحلة في زمن تلك الأفلام، تقدمها تمارا في معرض أفيشات بعنوان «أيامنا الحلوة» يقام على هامش المهرجان. بالنسبة إلى متخرجة العلوم السينمائية من «جامعة الألبا»، تهدف هذه الملصقات الى لفت نظر المخرجين الطلاب الى تلك الحقبة... حقبة قد تكون عالقة في مخيلتهم بفضل قصص أهلهم، خصوصاً أنّ بيروت في تلك الفترة كانت محجة السينمائيين المصريين وقبلة الفنانين والمثقفين العرب. تصرّ تمارا على أهمية هذه المرحلة في تاريخ الفن السابع اللبناني، بغض النظر عن مواضيع أفلامها التي أسهم في انتشارها السريع تأميم السينما في مصر. من جهة ثانية، تهدف هذه المحطة إلى الإضاءة على شكل ومحتوى الملصق العربي الذي قد تكون جرأته تفوّقت على ما هو عليه اليوم.

«المهرجان السادس لأفلام الطلاب»: حتى 25 تشرين الثاني (نوفمبر) ــــ «جامعة سيدة اللويزة» ـــ
للاستعلام: 09/208559 ــ 03/483432 ــــ www.ndustudentfilmfestival.com



جرأة وتحرّر

رداً على سؤال «الأخبار» حول القضايا والمشاغل التي تخيّم على الأفلام المشاركة، يجيب المدير الفني للمهرجان نيكولا خبّاز: «اللافت هذا العام هو كم الأفلام المتحررة والجريئة نوعاً ما. هناك تحرّر في التقنية السينمائية التي لجأ اليها الطلاب. ورغم وجود تأثيرات من سينمائيين معروفين، إلا أنّ الأفلام تميزت بوجود لمسة قوية للطالب صاحب الشريط. لا يوجد نسخ سينمائية عن أعمال مرجعية في تاريخ الفن السابع، بل هناك تأثّر مع لمسة إبداعية خاصة بصاحب الفيلم».