لنطفئ التلفزيون، والكومبيوتر، ونبتعد قليلاً عن سطوة الإعلانات... ونتجه إلى مسرح «مونو» (الأشرفيّة/ بيروت). هناك، سنسمع القصص والحكايات والخرافات، إذ تنطلق الليلة الدورة الثالثة عشرة من «المهرجان الدولي للحكاية الشفهيّة والمونودراما». المشروع الذي يديره الحكواتي اللبناني جهاد درويش منذ عام 1999، يستضيف هذا العام ثمانية حكواتيين من اليونان، وبوركينا فاسو، وفنزويلا، وفرنسا، ولبنان.
سينشّط هؤلاء ست ليالٍ من الخيال في قبو «كنيسة القديس يوسف». تنطلق الرحلة عند السابعة والنصف مساء اليوم إذاً، مع الحكواتي الفنزويلي فيكتور كوفا كوريا، الآتي من بلاد تحمل فيها أسامي المدن حكاياتها الخاصّة. ولد كورّيا في كراكاس، وكبر في أجيدو (مدينة العسل والزهور). بدأ مشواره عام 1992، حكواتياً في السجون ودور الأيتام، ثمّ سافر إلى فرنسا، ليعود إلى بلاده، ويبدأ مسيرته الاحترافية في رواية التراث الشفهي. إنّه الراوي العالِم بكلّ شيء الذي رأى وقال كلّ شيء. استمعوا إليه جيداً عندما يعزف على قيثارته الفنزويلية الصغيرة، وهو يروي حكاية «شيكي ريكي مياو مياو». مساء اليوم أيضاً، سيلتقي الجمهور اللبناني ستيليو بيلاسغوس. الحكواتي والمربّي اليوناني بحث خلال مسيرته في التطبيقات التربوية والعلاجية للأدب الشفهي، وعن طريقة تعلّم الرواية التقليدية، وإمكان تطبيقها في المناهج التعليمية الحديثة.
إلى أرض الغجر والعجائب، سنسافر غداً مع الثنائي بيبو وآرميل أوديغان. آرميل الحكواتيّة الروسيّة والبولنديّة والفرنسية، تأتينا مزوّدةً بسخاء الرحّل الذي جمعته من عالم الاستعراض والشركس. أمّا بيبو، فآتٍ من عالم الاستعراض الإيطالي، ويطعّم حكاياته بالفجائيّة والغرائبيّة. سيقدّم الثنائي أربع حكايات، يرافقها بيبو بالعزف على الأكورديون. سهرة الغد تتواصل مع الراوي كينتيغا بينغديوند جيرار الآتي من بوركينا فاسو. عمل كينتيغا مع فرق مسرحية بين بلاده وفرنسا، وسيقدّم روايتين ممزوجتين، بالمغنى والموسيقى والأمثال الشعبيّة، يتناول فيهما يومياتنا بشيء من الشاعريّة والفكاهة.
على البرنامج مساء الخميس، أربعة حكواتيين لبنانيين شباب يقدّمون مرويّاتهم. سيبدأ الحكي من التراث والميثولوجيا والأساطير في «الحقل المسحور» مع الممثلة اللبنانية الشابة نسيم علوان. الفنانة التي درست التمثيل في دمشق، عادت إلى لبنان لتبحث عن حكايات الجن والفلاح الفقير، والغول، والسلحفاة الذهبيّة، والفتاة ذات الشعر العطر. سيشاركها في الأمسية الحكواتي الفلسطيني خالد النعناع من خلال مرويّات «نصّ نصيص». يمزج النعناع بين التراث الشعبي الفلسطيني واللبناني، وقد تتلمذ على فنّ القصّ والحكي على يد مؤسس «المهرجان الدولي للحكاية الشفهيّة والمونودراما» الحكواتي جهاد درويش. شارك النعناع في مهرجانات عديدة بين الهرمل، وبرج البراجنة، وروى القصص والحكايات في العديد من المدارس. على خشبة «مونو» سوف يروي لنا حكاية «نصّ نصيص» إذاً، وهو ابن الملك القصير الصغير الذي يسخر منه إخوته، قبل أن يخوض مغامرات عديدة داخل الغابة، ثمّ يساعد إخوته في نحر الغول الشرير... كما سيحكي عن «الديك الحاضر»، و«العنزة العنزية»، و«النحات الغيور». أمّا سارة قصير المتخرجة بإجازتين في الإعلام والمسرح من الجامعة اللبنانية، فتستوحي قصصها من المخيّلة الشعبيّة والواقع اللبناني المعاش... تلميذة جهاد درويش أيضاً، وصاحبة التجربة الواسعة في مسرح الدمى، وفنون مسرح الشارع، ستروي لنا يوم الخميس أيضاً حكاية امرأة عاقر تنجب «حصّ توم». وتتوالى الأحداث إلى أن يكبر هذا الحصّ، ويساعد والده في العمل، ويصير أخيراً مستشاراً للملك. ستحكي أيضاً عن الطنبوري البخيل الذي يقرّر بعد 15 عاماً أن يغيّر حذاءه، وعن «زهيرة» الفتاة الصغيرة المولودة داخل زهرة. ختام السهرة الرباعيّة، سيكون مع أحمد طيّ الحكواتي البعلبكي الذي شارك بحكاياته في مهرجانات عديدة، وجال على المدارس، والمكتبات العامة، محمّلاً بروايات استقاها من الكتب، وممّا يحفظه العجائز من قصص شعبية تراثية. وسيحكي لنا طي ــ وهو أيضاً ممن تتلمذوا على يد جهاد درويش ـــ عن الأسد الشرير حاكم الغابة، وعن الأرنب الذي سوف ينقذ الغابة من غطرسته. سيحكي أيضاً عن الشجرة التي خاطبت الضبع، وما قالته له، وعن الجنيّة والنحات الطموح.
هكذا ستتوالى سهرات «المهرجان الدولي للحكاية الشفهية والمونودراما»، بما تحمله من عروض المليئة بالحكايات، والخيال، والأساطير، والموسيقى حتى 18 آذار (مارس) الحالي. حينها سيحلّ الموعد الختامي المنتظر كلّ عام، إذ يجتمع الحكواتيون ليرتجلوا قصصهم في «مسابقة الكذابين»، ويتناوبوا على اختراع قصص وأكاذيب من وحي اللحظة، ليبتكروا جوّاً غرائبياً ومرحاً.
طبعاً لا يكتمل المهرجان من دون لمسة الحكواتي جهاد درويش. سيقدّم هذا العام ثلاث حكايات للصغار، بعنوان «قصص من المتوسط»، جمعها من خرافات اليونان، وإسبانيا، وتونس، وفلسطين. وسيحكي عن الأميرة المسجونة في تفاحة، والأسد المغروم بفأرة... روايات من «حكم المشرق»، سيختمها مع قصة تخبرنا كيف استطاع حب شيرين أن يحوّل وحشاً إلى إنسان.



«المهرجان الدولي للحكاية الشفهية والمونودراما»: 7:30 مساء اليوم وحتى 18 آذار (مارس) الجاري ـــ «قبو كنيسة القديس يوسف» (مونو/ بيروت). للاستعلام: 01/202422