عمر راجح * هذه رسالة محبة واحترام نود من خلالها الإضاءة على موضوع استضافة «مهرجانات بعلبك الدولية» لسيدي العربي الشرقاوي (البلجيكي/ المغربي) الذي يعد اليوم من أبرز الفنانين العالميين. هذه الرسالة المتواضعة هدفها إطلاعكم على وجهة نظرنا كمدير لـ «مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر - بايبود»، متمنياً أن تضيء على الموضوع بواقعية وموضوعية، بعيداً عن العاطفة وغلوها أحياناً. إنه لشرف عظيم أن تستضيف «مهرجانات بعلبك» عرض «بازل» (لغز) للشرقاوي بعدما استضافته «مهرجانات بيت الدين» عام ٢٠١١ في عرض «بابل»، بالشراكة مع «مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر» الذي ننظّمه ونديره.

وقد كان لهذه الاستضافة صدى كبير عند الجمهور اللبناني، ووقع مهم عند منظمي المهرجانات العالمية، والجمهور المتابع لنشاط الشرقاوي والرقص المعاصر على نحو عام.
لا يسعني الخوض في تفاصيل أهمية تقديم أعمال كهذه في بيت الدين، لكنّي أستطيع القول إنّ تلك الاستضافة قد كونت صورة ثقافية، وفنية، واجتماعية مهمة عن بلدنا وعن توقه إلى الانخراط في الثقافة الحقيقية والتبادل الحضاري، اللذين يسهمان في إبعاد العصبيات والغوغائيات السياسية التى نعيشها كل يوم. وليس عندي شك في أنّكم حريصون على صورة هذا البلد الثقافية والفنية داخلياً وخارجياً، كما أنكم، ونحن معكم، حريصون على غناه الحضاري والديني المحبّ والمتسامح، الذي يهدف بالدرجة الأولى الى أن نعيش في جوهر الدين، الذي نفهمه على أنّه أخلاق وإحترام وتواضع ومحبة وثقافة أيضاً.
من هذا المنطلق، وكوني عرّفت الجمهور اللبناني على هذا الفنان، الذي تربطني به علاقة صداقة أيضاً، أستطيع أن أجزم بأن الشرقاوي لا يمكن أن يمسّ في عمله جوهر الأخلاق والاحترام، بل على العكس تماماً، فهو في أعماله الثقافية يقارب مواضيعه المهمة بإجلال واحترام حتى لا نقول بتقديس.
إنّ عمل العربي الشرقاوي الذي تستضيفه «مهرجانات بعلبك الدولية»، التي تواجه حالياً كماً من المشاكل الأخرى، هو عمل ثقافي في الدرجة الأولى، ولا يمت الى الترفيه بصلة. أكثر من ذلك، هو عمل يبحث في منطق تفكيرنا وترابط حياتنا اليومية، ونظرتنا إلى تسلسل الأحداث فيها. إنه لمن المهم جداً أن نفسح المجال لأشخاص مسؤولين كالشرقاوي لأن يقدموا رؤيتهم كاملةً، التي لا أراها تتعارض مع مبادئنا الأخلاقية والحياتية، وأن نكون معه ومع المهرجان في إبراز العمق الثقافي والفني لعمله. ما نتمناه هو أن نساند هذا المهرجان العريق، الذي هو رمز لتاريخنا وثقافتنا وتنوعنا، وأن نساعده على تقديم أعمال ثقافية مهمة، وأن نذهب أبعد من ذلك أيضاً، كي نواجه مع «بعلبك» العصبيات الاجتماعية والسياسية، ونعلي مبدأ الانفتاح وتقبل الآخر تحت شعار الثقافة التي هي في صلب وجوهر الدين.
ولكم منّا جزيل الإحترام،
* كوريغراف لبناني ومدير «مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر»