سرعان ما تعود عجلة إنتاج برامج الترفيه والمنوّعات إلى الدوران مع حلول رمضان. لكنّه أيضاً موسم علاوة الدخل المادي لنجوم الفن الذين يحلّون ضيوفاً على برامج الـ«توك شو» في السهرات الرمضانية. بعد التدهور الحاد في صناعة السينما، وحصر إنتاج الدراما التلفزيونية بالموسم الرمضاني، وتراجع سوق الحفلات، يبدو أنّ برامج المنوعات صار واحداً من أبرز مصادر الرزق بالنسبة إلى نجوم الفن الذين تهافتوا على شغل منصب عضو في لجان تحكيم برامج الهواة مقابل مردود مادي قارب ستة أصفار. وبما أنّ برامج الـ«توك شو» الفنية طبق ضروري على مائدة برمجة القنوات التلفزيونية في رمضان، فقد أصبح لبعض النجوم المكرّسين على عرش الضيف في شهر الصوم، شيك مصرفي سنويّ يُصرف مع بداية رمضان. بعيداً من أزمة التكرار في الحوارات، والجديد الذي تقدّمه هذه البرامج مع وجوه ضيوفها الكلاسيكيين، وأسلوب المضيف في البحث السقيم عن «السكوب» الباهت، ترتفع كلفة هذه البرامج بحسب مستوى المكانة الفنية للضيف.
هكذا تحسب الميزانيّة الأضخم لبرامج رمضان الحواريّة بما أنها تستقطب نجوم الصفّ الأول من أرباب الغناء والتمثيل. وبالترتيب المتعارف عليه، يحصل المغنون الخليجيّون أمثال محمد عبده، وكاظم الساهر، ونوال الكويتية، وأحلام، وماجد المهندس، على السعر الأعلى الذي يراوح بين 100 و 250 ألف دولار أميركي في الحلقة التلفزيونية الواحدة. ويتحدد السعر أيضاً بحسب طبيعة البرنامج كاقتضاء الغناء الحيّ ضمن الحلقة وغيرها من الشروط. ويُضاف إلى المبلغ كلفة تنقّل الفنان برفقة فريق عمله (طيران درجة أولى، وسيارات فاخرة، وفنادق فخمة...). ويتقاضى نجوم غناء الصف الأول من لبنانيين وجنسيّات عربية أخرى مبالغ تراوح بين 50 و 120 ألف دولار أميركي عن الظهور التلفزيوني على غرار، نجوى كرم، وصابر الرباعي، وأصالة نصري، ونوال الزغبي، وعاصي الحلاني، وشيرين عبد الوهاب. ويبقى نجوم التمثيل من الخليج ومصر، وسوريا، والأردن، والمغرب العربي في المرتبة الثانية على سلّم جدول الأسعار، ويصل متوسط ميزانيّة الضيف الواحد 50 ألف دولار أميركي وما دون، إلا من بعض استثناءات لبعض النجوم الذين تندر إطلالاتهم الحوارية.
لا تخلو هذه السوق من السماسرة المعروفين ومفاوضات سرية وطويلة لغاية بلوغ اتفاق نهائي لا يخضع في الغالب لسلطة القانون وحتى ضريبة الدخل.
إلى جانب ألمعية نجومية الضيف وقدرته على جذب الجمهور لتجميده أمام الشاشة لأكثر من ساعتين، تحكم العلاقات الشخصية اختيار الضيوف لهذه المنحة الاستثنائية، هكذا تغيب وجوه فنية تقدّم جديداً رمضانياً يجوز التبحّر فيه لصالح اجترار قضايا شخصية بائتة، مع وجوه ملّ الجمهور سماع أحاديثها وآرائها.
هكذا تسقط مقولة أنّ النجوم يبحثون عن الأضواء على الشاشة في زمن انتشار الفضائيات التي يدعمها ملوك السلطة والمال. مع ذلك، فالإغراء المادي لم يتمكّن حتى اليوم من إقناع بعض النجوم من التحوّل إلى نمرة ترفيه في ليلة رمضانية.