تخيّل أنّك نجم فيلمك الخاص ويمكنك استكشاف عوالم وسيناريوات مختلفة مصمّمة خصيصاً لتناسب كل ما يجول في مخيّلتك. تخيّل أنّ المخرج هو ذكاء اصطناعي، يرشدك عبر قصة غامرة وتفاعلية تتغيّر بناءً على اختياراتك وعواطفك. تخيّل تجربة نوع جديد من الترفيه لا يشبه أي شيء رأيته من قبل. هذا ما تعدنا به HyperCinema، أول سينما مدمجة بالذكاء الاصطناعي في العالم، في أوكلاند في نيوزيلندا.HyperCinema نتيجة تعاون بين صاحب فكرة مسرح Pop-up Globe في أستراليا مايلز غريغوري، والوكالة الرقمية الإبداعية الدولية (Gladeye) المرشحة لجائزة «إيمي». وافتُتحت لموسم محدود مدّته سبعة أسابيع، بدأ في 12 أيلول (سبتمبر) 2023 وينتهي في 29 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023. العرض الأول في هذا المكان يسمّى Enter the Multiverse. تجربة تستمرّ لـ 45 دقيقة، تأخذ المرء في رحلة عبر عوالم موازية عدّة حيث يمكن أن يحدث أي شيء.
يدخل المستخدم قاعةً كأنّها من المستقبل، حيث يرحّب به مضيف ودود يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي ويمسح (scan) وجهه ويطرح عليه بعض الأسئلة للتعرّف إليه بشكل أفضل. بعدها، يُمنح المشاهد سمّاعات لاسلكيّة وسوار معصم ذكياً يتتبع معدّل ضربات القلب ومجسات تلصق على الجلد. ثم يُطلب منه أيضاً اختيار نوع المغامرة: كوميديا أو دراما أو رعب أو رومانسية.
بعد ذلك، يدخل غرفةً مظلمة فيها شاشة دائرية كبيرة تحيط به. يرحّب به الذكاء الاصطناعي الذي يخبره أنه على وشك الدخول إلى الكون المتعدّد، وهو عبارة عن مجموعة من الحيوات اللانهائية المفتوحة على كل الاحتمالات. ثم يوضح الذكاء الاصطناعي أنّه سينشئ قصة فريدة بناءً على اختيار المشاهد للنوع وبياناته الحيوية وتفاعلاته مع البيئة المحيطة.
ثم يحدث السحر: تضيء الشاشة بصور مذهلة تنقل المشاهد إلى عوالم مختلفة. قد يجد نفسه في قلعة من العصور الوسطى أو مدينة مستقبلية أو قصر مسكون أو جزيرة استوائية. قد يواجه كائنات فضائية أو زومبي أو قراصنة أو روبوتات. قد يتعين عليه حلّ الألغاز أو محاربة الأعداء أو تكوين صداقات أو الوقوع في الحب. الاحتمالات لا حصر لها.
يرشد الذكاء الاصطناعي المشاهد خلال القصة من خلال السرد الصوتي والمؤثرات الصوتية، مستجيباً لردود أفعاله وعواطفه في الوقت الفعلي. كما أنّه يغيّر الحبكة والنتيجة وفقاً لذلك. على سبيل المثال، إذا كان المشاهد خائفاً، فقد يجعل ذلك القصة أكثر توتّراً أو رعباً. وإذا كان يشعر بالملل، فقد يجعل ذلك القصة أكثر إثارة أو إضحاكاً. وإذا كان فضولياً، فسيجعل ذلك القصة أكثر غموضاً أو إثارة للدهشة.
يقدّم الـ AI خيارات في اللحظات الرئيسية للقصة، ما يسمح بالتأثير على اتجاه المغامرة ونهايتها. ويمكن إجراء هذه الاختيارات باستخدام الإيماءات أو الأوامر الصوتية أو الأزرار الموجودة على سوار المعصم. في نهاية التجربة، يخرج المشاهد من الغرفة ويعود إلى الصالة، حيث يمكنه مشاهدة ملخّص مغامرته على الشاشة. ويمكنه أيضاً معرفة كيف تغيّرت بياناته البيومترية طوال التجربة، ما يشير إلى حالته العاطفية في نقاط مختلفة من القصة. وباستطاعته كذلك مشاركة مغامرته مع أصدقائه على وسائل التواصل الاجتماعي.
عملياً، HyperCinema تقنية أشبه بإحدى حلقات مسلسل «بلاك ميرور» الشهير على نتفليكس. هي نتيجة حتمية للقفزة التي حصلت في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي منذ نهاية العام الماضي. هذه أول التحوّلات التي تؤكد بما لا يرقى للشك بأنّ صناعة الترفيه ستتغيّر إلى الأبد. وربّما، في الأشهر المقبلة، ستصبح هذه التقنية أكثر تطوّراً وبالتالي متاحة للجميع عبر حواسيبهم أو هواتفهم الذكية. ويمكن لنا أن نتخيّل عالماً يعود فيه المستخدم إلى منزله بعد يوم عملٍ طويل، فيذهب إلى حاسوبه، يخبره عن المغامرة أو الحالات المتخيّلة التي يريد أن يعيشها ويشاهدها، ثم ينتقل من الواقع إلى أرض الأحلام.