تحت عنوان «ربيع من أجل فراشتي»، تقدّم «غاليري كاف» لوحات لغابي معماري، تدلّنا توّاً على منابع التأثّر الذي يبلغ حدّ التقليد الفاقع لفناني التعبيريّة التجريديّة. حركة غير رسميّة نشأت في نيويورك بين الخمسينيّات والستينيّات، ضمّت رسّامين وشعراء وموسيقيين. اعتمد رسّامو هذه الحركة على تقنية التبقيع (Tachisme بحسب التسمية الفرنسية) التي تفرط في استخدام اللون من دون مراعاة لأيّ دافع أو هدف خفيّين، بل تبحث عن تأثير فنّي عاطفيّ وعلى نحو تلقائيّ ارتجاليّ.لوحات معماري كبيرة الحجم، مطليّة بالأزرق السماويّ الذي «يبقّع» عليه من ثمّ مئات البقع الملوّنة بالأخضر الفاتح والبنّي المائل إلى الأرجوانيّ فالأزرق النيليّ والأبيض الخفيف والأحمر القاني والأصفر على شكل دوائر متفاوتة السماكة والاستدارة. والنتيجة غابة من الأشجار يضفي عليها الأزرق التأسيسيّ مناخاً ربيعيّاً ناعماً يتكرّر هو نفسه من لوحة إلى أخرى بالرؤية ذاتها، رغم محاولته تنويع الأزهار وتبديل مواقعها، فالأفق يبقى غائباً.
شبكات من الألوان متداخلة، متمازجة ينفّذها معماري واضعاً القماشة على الأرض وساكباً عليها البقع الملوّنة. في أعماله ملمح من البساطة والعفوية اللتين تستدعيان أمام الناظر تلوينات الأطفال قبل شروعهم في تشكيل رسومهم. وكم يذكّرنا معماري بلوحات باري جونسون بنمنماتها التبقيعيّة، وبالمدرسة اليابانية التي أطلقت عليها تسمية cherry blossom ( أزهار شجرة الكرز)، ما يُظهر أنّ معماري فنّان متأثّر ومقلّد، وليس فريد الأسلوب والرؤية أو مبتكراً. تمتد تأثّراته إلى لوحات الأميركيّ بولوك أيضاً، وبالتالي فإنّ ما أنجزه لمعرضه الحاليّ لا يتعدّى تبنّي الاتجاه المعروف والتقنية التي أضحت قديمة ولا تأتيه أو تأتي زائر معرضه بأي جديد، كأنّه أعدّ لوحاته لتزيين الصالونات وبيع الأعمال، مكتفياً بالملوّن و«الجميل»، ومغيّباً أي همّ تعبيريّ يعكس لديه موضوعاً أو قضيّة.

* «ربيع من أجل فراشتي» لغابي معماري: حتى 20 أيار (مايو) ـــ «غاليري كاف» (مار نقولا ـ الأشرفية) ـ للاستعلام: 01/334984