انطفأ أول من أمس الفوتوغرافيّ والتشكيليّ الكويتي، الفلسطينيّ الأصل، طارق الغصين (1962 ــــ 2022) المقيم في الإمارات. اشتهر الغصين بأعماله الفوتوغرافيّة التي هجست بالبحث عن الهويّة وعلاقة الكائن بالمكان، سواء في البُعد الواقعيّ أو الافتراضيّ. ظلّ هاجس الهويّة الفلسطينية ثابتاً في ثيماته الفنيّة، فعالج في عدد كبير من أعماله إشكاليّة تكوّن الهويّة في ظلّ واقع النفي والخسارة والحرمان من العودة إلى الوطن، وضياع الهويّة الوطنية تحت عسف المحتلّ وجرائمه.
من سلسلة «بورتريه ذاتي» (2002)

برزت له أعمال في معارض شتى ومهرجانات عالمية مثل «بينالي البندقية» و«بينالي الشارقة» الدوليين، فضلاً عن «بينالي سنغافورة». أنتج أعمالاً ضمن المجموعات الدائمة في «متحف فكتوريا وألبرت» في لندن، وفي المتحف الملكي للفوتوغرافيا في كوبنهاغن، و«المتحف العربيّ للفن الحديث» في الدوحة، ودائرة الفنون في عمان، و«مؤسسة الشارقة للفنون».
بعدما نال شهادة البكالوريوس في الفنون الجميلة (تصوير فوتوغرافي) من «جامعة نيويورك» عام 1985، وثم الماجستير في الفنون الجميلة (تصوير فوتوغرافي) من «جامعة نيو مكسيكو» عام 1989، بدأ طارق الغصين العمل في التصوير الفوتوغرافي التوثيقيّ والصحافيّ، ثم زاول التدريس الفني وأشرف على برنامج الماجستير للفنون الجميلة في «جامعة نيويورك» في أبو ظبي. تتقصّى أعمال الغصين الحدود الفاصلة بين تصوير الطبيعة وتصوير الأشخاص. فوتوغرافيّاته عابقة بالذكريات ضمن مساحات مهجورة يتحرّى فيها الروابط الشخصية والعامة في منطقتنا المنكوبة ودائمة الاشتعال. لا يمجّد الخراب في تصوير المباني المتهالكة، ولا يبتكر شكلاً جديداً للتوثيق، بل يركّز في أعماله ذات الطابع الساخر إلى حدّ ما، على أثر الحضور الإنسانيّ تعبيراً عن واقع الفرد في بيئة غير مريحة. يلتقط صوراً لأماكن وأشياء آيلة إلى الزوال.
ظلّ هاجس الهويّة الفلسطينية ثابتاً في ثيماته الفنيّة


طارق الغصين مولود في الكويت لأبوين نازحين من فلسطين، ‏أمضى جزءاً من حياته بين الولايات المتحدة والمغرب واليابان. بعد تخرّجه، بدأ يؤسّس لأسلوب خاصّ، طارقاً أبواب البحث بخياله التشكيليّ الفريد الذي يرمز إلى الوطن بألوان رماديّة تهزّ الوجدان، رغم أنّ مساره الفنّي بقي متأرجحاً وتائهاً بين الصورة الفوتوغرافية واللوحة التشكيلية، وإذ به أول من أمس يلفظ آخر أنفاس الغربة والمنفى والوطن الضائع.