عرضت mtv أربعة تقارير مركزةً على وليد البخاري
كنا أول من أمس، مع جوقة منظمة وممنهجة ومسعورة بحق قرداحي، الذي رفض الاعتذار عن أمر لم يخطئ فيه، ولم يسئ به إلى أحد، بل اندرج ضمن خانة التعبير عن الرأي وإبداء وجهة نظر حيال العدوان السعودي على اليمن، قبل دخوله المعترك الحكومي. من هنا، برزت الإشكالية الأساسية المتعلقة بحملات الترهيب التي قادها هؤلاء بحق قرداحي، الذي لم يَفُته التذكير بها فقط لأنه أعطى رأياً بخصوص قضية اليمن ضمن برنامج. إشكالية تتمثّل أمامنا في لبنان، مع تشدّق العديد من هذه الجهات التي قادت الحملة ضد قرداحي، بالحريات الإعلامية والتعبير، لكنها ما لبثت أن مارست إرهاباً فكرياً وإقصاء واضحاً على أي شخص يتفوه بوجهة نظر سياسية مغايرة. هذه الإشكالية، غابت تماماً أول من أمس، عن الشاشات اللبنانية، التي أفردت مساحة للحدث، أي لتصريحات وزير الإعلام وردود الفعل، واكتفت باستعراض المواقف الخليجية «المستنكرة» لكلام قرداحي، من دون أن تتجرأ وتعلن أنّ ما قاله يندرج ضمن حرية التعبير. هكذا، شاركت هذه المنصات المحلية في التعمية على حقيقة ما جرى في قضية وزير الإعلام اللبناني، وراحت تركز على إعادة سرد المواقف السياسية لمجلس التعاون الخليجي وللسفراء الخليجيين، ولحركة السفير السعودي في بيروت وليد البخاري. فقد احتل الحدث المساحة الأوسع على mtv، التي خصّصت ما يقرب من أربعة تقارير عن القضية، استصرحت في إحداها البخاري. وأعادت المحطة نقل ما صرح به من أهمية التركيز على «الأعمال العدائية التي يقوم بها الحوثيون» في اليمن، إذ «تهدد الأمن الإقليمي والدولي»، وتأكيده على حق «المملكة في اتخاذ التدابير للتعامل مع الأعمال الإرهابية». كما استصرحت المحطة السفير الكويتي في بيروت عبد العال القناعي، الذي أكد أنّ أي «تهجّم على المملكة هو إساءة للكويت». كما خصصت باقي التقارير لنقل تصريحات نهاد المشنوق ورئيس مجلس إدارة MBC، وليد آل ابراهيم. وسرعان ما انضمّت إليها lbci، التي وصفت في مقدمة نشرة أخبارها ما حصل بـ «الانتكاسة الجديدة» للعلاقات اللبنانية - السعودية. وفي تقرير إخباري، اعتبرت المحطة أنّ تصريحات قرداحي أضحت بمثابة «قنبلة موقوتة» لعلاقة لبنان بدول الخليج. ولفتت إلى أنّ قرداحي كان وحيداً في هذه القضية، ووفّر له الدعم السياسي «عرّابه الحكومي» سليمان فرنجية، وسط ربط واضح بين ما حصل مع وزير الإعلام، وما حصل قبلاً مع وزير الخارجية شربل وهبة الذي «طار من منصبه» آنذاك، وأريد اليوم أن يتكرّر السيناريو مع قرداحي. وحدها «المنار» كانت واضحة في هذا الخصوص. وصفت في مقدمة نشرة أخبارها، قادة هذه الحملات بـ «مراهقي الدبلوماسية» و«مرتزقة الإعلام» وأنّ ما يحصل لا يعدو كونه «اختلاق معارك رأي عام».
إذا، تسيّدت المشهد الإعلامي المحلي لغة التعمية والضبابية، إزاء ما تفوه به قرداحي منذ أكثر من شهر على منصة خليجية، وعمل على طمس أي نقاش يخصّ حرية التعبير عن الرأي، فكيف إذا كنا أمام عدوان موصوف على اليمن، لا يحتاج إلى تقديم وجهة نظر مختلفة. عدوان ما زالت تقوده السعودية، والدول المتحالفة معها، ويوقع آلاف الضحايا ويهدم البيوت على رؤوس أصحابها. هذه المرة، كما في السابق، تواطأ هذا الإعلام مع الجناة، ومارس لغة التضليل، وبقي وزير الإعلام ومن يريد أن يسير على مساره وحيداً، تستشرس به جماعات التشدق بالحريات فقط لأنه يجاهر بآرائه السياسية، وعلى رأسها موقفه الواضح من النظام في سوريا!