لكنها فشلت في ذلك ليتبين من خلال أداء حكومتيها وتصريحات وزرائها ونوابها في «المجلس الوطني التاسيسي» أنها لم تتخلص حتى اليوم من مرجعيتها الإخوانية القائمة على تكفير المجتمع والسعي لإقامة الدولة الدينية.
حاور البوني زعيم «حركة النهضة» راشد الغنوشي، منطلقاً من الأفكار الأساسية التي طرحها هذا في كتابه «الحريات العامة في الدولة الاسلامية» (1993). هكذا، فكّك خطاب مفكر «النهضة» ومنظّرها، ليثبت أنها ليست سوى حركة دينية بعيدة كل البعد عن تصوّر الدولة المدنية والديمقراطية، طالما أنها لم تتخلص من رؤيتها الدينية.
ووفق البوني، فإن الغنوشي «يعتبر تونس في ظل دستور 1959 بلاداً بلا هوية ويتهم واضعيه بضحالة وعيهم الإسلامي»، ويضيف متحدثاً عن أفكار الغنوشي «إنها اعترافات تنزع عن الغنوشي صفة رجل السياسة والديمقراطي، فالرجل اختار أن يكون سلفياً يعادي العلوم والفنون والحداثة والحضارة المعاصرة، متسلحاً بعقل سلفي يزين للعامة وللأميين خاصة لعبة تسييس الدين للوصول الى السلطة باعتماد خطاب مزدوج».
معادون للدولة المدنية والديمقراطية والفنون والحداثةومن خلال استنطاقه لمدونة الغنوشي، يخلص البوني إلى أنه بعيد عن فهم مقاصد الإسلام وليس له من العلم ما يؤهله لأن يكون «عالماً»، كباقي أعضاء من يسمون أنفسهم بـ «اتحاد علماء المسلمين». واعتبر أنّ كتاب الغنوشي «الحريات العامة في الدولة الاسلامية» هو الوثيقة التي اعتمدها نوّاب «النهضة» في صياغة مشروع الدستور.
لا يتوقف البوني عند تجربة «النهضة» في تونس فحسب، بل يستعرض تجربة الإخوان في مصر والإسلاميين في تركيا، معتبراً أنّ الرابط بين هذه التجارب هو معاداة الدولة المدنية وحقوق الانسان والحريات والسعي إلى إقامة سلطة «السلف الصالح».
يعتبر البوني أنّ الغنوشي كشف عن وجهه السلفي ومعاداته للمفاهيم الكونية لحقوق الانسان من خلال كتابه الأساسي، ما يمنع «النهضة» من أن تكون حزباً مدنياً.
عبر فصول الكتاب الأربعة، خلص البوني إلى أنّ ترخيص «حركة النهضة» مخالف لـ«مرسوم الأحزاب والجمعيات» (عدد 87 لسنة 2011). لهذا، رفع دعوى قضائية ضد رئيس الحكومة حمادي الجبالي من أجل حلّ الحزب في المحكمة الإدارية، وقد ضمّن دعواه شريط الفيديو الذي يحاور فيه زعيم الحركة مجموعة من السلفيين.