«مونذريوس ماصريام» ليس شاعراً إغريقياً، كما يتهيأ لنا للوهلة الأولى، إنه الاسم الآخر للشاعر منذر مصري، يوقّع به أشعاره المحرّمة، كما فعل في «ساقا الشهوة» للمرّة الأولى، تلك القصيدة الملعونة التي منعتها الرقابة طويلاً، قبل أن يتمكّن من استعادتها أخيراً، في مجموعته «داكن». وها هو ينفض الغبار عن قصائد قديمة كتبها في أواخر سبعينيات القرن المنصرم، ستصدر قريباً تحت عنوان «بولونيزات» عن «دار التكوين» في دمشق بتوقيعه الغامض: مونذريوس ماصريام. يفسّر اسم المجموعة وظروف كتابتها بقوله: «Polonaises كانت تعني، بالنسبةِ لي، القصائدَ الَّتي كتبتُها، عن آنا تاتراكوفا وبقيَّةِ الفتياتِ البولونياتِ اللَّواتي عرَفتُهنَّ وصادقتُهن، خلالَ دراستي في وارسو، شِتاءَ /1978- 1979. إلّا أنَّها مع متابعةِ كتابتِها لأكثر من ثلاثةِ عقود، توسَّعت، واستفاضت، وأسهبت، لتطالَ تقريباً كُلَّ مَن عرَفتُه، وكُلَّ ما عِشتُه هُناك، وأيضاً، ورُّبما الأهم، كُلَّ ما اختلقتُهُ من أقاصيص، حتّى بِتُّ، مع مرورِ الأيامِ والأحداث، لا أستطيعُ التفريقَ بينَ الحقيقيِّ منها والمُتخيَّل». لا تقتصر نصوص هذا الكتاب على قصائد شهوانية فحسب، إنما مزيج من أسماء وذكريات ومدن، وأقوام، في تجوّال سردي مفتوح ينطوي على مهارة في تحويل العادي والعابر إلى جملة شعرية مشعّة، لذلك لن نستغرب أن نجد في فضاء واحد: آنا، وماغوشيا، وسوزان، ولينين، وبريجنيف، في بورتريهات مرسومة بخطوط محكمة، وأجزاء من سيرة غير مكتملة:« آه... قُلتُ: إنَّها الطريقةُ الَّتي تتحوَّلُ فيها (آنا)
إلى مِصباحٍ كهربائي
وهذا كتشبيهٍ ماديٍ مطابقٌ تماماً للحقيقة
ولكِن أ لَم يكن منَ الأجدرِ بي
كشاعرٍ
أن أقولَ: «إنَّها الطريقةُ الَّتي تثبتُ فيها (آنا)
أنَّها كائنٌ نوراني».