لم يعد ينفع الندم. كتب على السادة المشاهدين أن يبقوا أسرى ربما لخمسين عاماً أو أكثر، للزمن الذي يكبر فيه الجيل الجديد من عائلة الملا الفنية العريقة، ويتسلّموا مشعل المجد للسلسة الشهيرة «باب الحارة» (mbc- lbci- زي ألوان). وقّت «الآغا» بسام الملا خروجه عن صمته مع بزوغ هلال رمضان، وبشّرنا بأنه سينجز جزءين جديدين من دجاجته السحرية التي تبيض ذهباً! قلنا حسناً، لنشاهد ولو نتفاً من فصله السابع، عساها تحصل المعجزة ويتعرّف كاتبا العمل عثمان جحى وسليمان عبد العزيز إلى معنى الدراما، ويبذلا جهداً في قراءة، ولو كتاباً، عن تاريخ أقدم عاصمة في العالم.
على أمل أن يكتبا لنا لحظة عابرة تغرّد خارج السطحية والسذاجة والإسقاطات الموظفة في خدمة الاستبداد. لكن عبثاً خرج الجزء الجديد وإذا بزورو «العكيد معتز» (يلعب وائل شرف الشخصية بخفة مدهشة) يزور «حارة الضبع» ويتخفى في «حارة اليهود» ويقضيها ضرب كفوف لخصومه، وتشليحهم الخناجر والبنادق، بشرط غياب تهوّره السابق عله يكون القائد المنتظر. وهل يليق بالعكيد سوى الحكمة والوقار؟ سمتان تلازمان «زورو الشام» حتى لو ظهر أنه تاجر أحمق وعاشق ولهان لفتاة يهودية تهرب معه خطيفة. هكذا يفهم صنّاع «باب الحارة» التنويرية والانفتاح على الآخر الذي قرروا التسويق له بعدما طلّق «أبو عصام» (عباس النوري) «سعاد» (صباح الجزائري) لأنها قالت له «فشرت».
فرضية عبقرية بنيت عليها مئات الساعات الدرامية. رأيناها في هذا الجزء امرأة مغناجاً تخلع حجابها لتربط به ساق ثائر جريح، فيبتسم لها جودت ويرضى عنها. أما «أم حاتم» (صباح بركات)، فقررت افتتاح مدرسة، وربما نشاهدها تحاضر في «الجامعة الافتراضية السورية» بعد حفنة أجزاء قادمة، بخاصة أنها انتزعت مباركة ابن عمها «أبو حاتم» (سليم صبري). وغالباً سيدير الرجل مقهى الحارة الذي يملكه إلى «كافيه نت». وما الضير في ذلك طالما أن السوشال ميديا تربّصت بالمخرج عزّام فوق العادة، فألقت القبض عليه من خلال تقنية «سكرين شوت» وهو يسمح بظهور جينز القرن العشرين على قوام أبو عصام، وتحت جلباب الزعامة. كذلك، تطلّ إحدى الشخصيات الميتة ليس وفق منطق الآغا، وتلاعبه بمصائر الشخصيات منذ الجزء الأول، فأحياها وأماتها على مزاجه. لكن نتيجة خطأ مونتاج كارثي، ظهر علينا الخضري «أبو مرزوق» (محمد الشمّاط) الذي توفي في الجزء الخامس، وتسلل في مشهد مغلوط من «عالم الغيب» بسبب غياب المخرج عن العمل، أو استعانته بمشاهد قديمة للترقيع. الموت ذاته أعيا أطباء الكوكب. فقط في «حارة اليهود»، تموت «إم نسيم» (أمانة والي) ممسكة بركبتيها من دون أن يتمكن الموت من فك عضلات جسمها. كذلك ظهرت بحسب الرصد الفايسبوكي للمسلسل زجاجة مياه معدنية في أحد المشاهد التاريخية!
كل ذلك في كفة وسبك الإسقاطات في أخرى. علماً بأن العمل كُتب وصوِّر بمعية القبضة الرقابية الحديدية في سوريا هذه الأيام وما زالت mbc ملتزمة تبنيه. لا مشكلة طالما أن المسلسل يوفّر فرصة عمل لسيادة «النقيب» زهير رمضان، لكن برتبة أقل هي «رئيس كركون» نأمل أن تحمل له الأجزاء القادمة رتباً أرفع!