تركّز على ملامح الشخصيّة من تفاصيل الحكايةأكثر من هذا، لا تقارب الحكاية شخصية الراقصة ضمن المعتقدات والأفكار والكليشيهات السائدة. هذا أمرٌ يحسب لمسرحية روان، لأنّها ببساطة قرّبت شخصية الراقصة من الأنا/ الإنسان أكثر من صورة الراقصة النمطية، المعتادة على الظهور على الشاشات والمسارح.
أدائياً، مسرح روان حلاوي كثيف بكل ما تحويه الكلمة من معنى، يمكن أخذ التعبير لناحية مسرح «شغفي»، لكنه أكثر من هذا بكثير، إذ إنّها تبذل جهداً كبيراً على المسرح. تستهلك طاقتها أكثر من غيرها، والأهم من ذلك أنّها تستهلك جسدها بكل تفاصيله داخل أعمالها. تكفي مشاهدة «علاقتها الصاخبة» مع حبيبها لاستيعاب كميّة الجهد والتأثر اللذين تضعهما في مشهدٍ واحد، أولاً لأنه غير موجود جسدياً، وثانيهما لصخب «الفعل» قبل أي شيء. تأتي مدرسة العمل «الشغفي» متأثرة بجزء من المسرح البريطاني المرتبط أساساً بفكرةmethod actor التي تجعل الممثل جزءاً أساسياً من الدور. هكذا تختفي صفات الممثل لتحل مكانها الشخصية المراد تأديتها (من أبرز الأمثلة على ذلك دانيال داي لويس مثالاً). ليست روان دان داي لويس بالتأكيد، لكنها مختلفة عن المعتاد المسرحي اللبناني. وفي لحظةٍ ما تبدو "أكثر نضجاً وحنكةً" لناحية طبيعة الشخصية والأداء، فضلاً عن أنّها تكتب وتمثّل وتخرج (مساعد مخرج: وسام دالاتي). كل هذا تفعله وحدها وإن كان يعاونها في أمورٍ «لوجستية» كل من: رندا مخول (تصميم وتدريب على الرقص)، لارا نصار (تصميم وتنفيذ إضاءة)، أيمن النوبي وأحمد الخطيب (توليف موسيقي)، تالا النشار وروى حسامي.
بشكلٍ عام، من المهم وجود هذا النوع من المسرح محلياً وعربياً حتى، ذلك أنّه يعبّر بشكلٍ كبير عن الشخصيات الأساسية التي يوردها، متناولاً الجوانب الإنسانية والشخصية منها أكثر من تفاصيل الحكاية، لتصبح الشخصية هي الحكاية لا العكس. أي أننا لا نأتي لمشاهدة حكاية «الراقصة»، بل نأتي لمشاهدة الراقصة بحد ذاتها، وما مشاهد الرقص داخل المسرحية بحد ذاتها إلا تأكيد على الفكرة عينها: إننا نعيش يومها لحظةً بلحظة، مخاوفها، أفراحها، وحتى لحظات انكسارها وجنونها.
باختصار، تنجح روان حلاوي في "إنت عمري" للمرة الثانية في تقديم مسرحيةٍ خارجةٍ عن المعتاد والسائد. تقدّم عملاً مفصّلاً على قياسها وحدها.
«إنت عمري» لروان حلاوي: 21:00 مساء اليوم حتى 16 تشرين الثاني (نوفمبر) ــ «مترو المدينة» (الحمرا ــ بيروت). للاستعلام: 76/309363