«لو رحل الجميع...العماد عون سيبقى (…) سأكون آخر من يترك مقرّ قيادتي، بل صممت أن أدفن هنا». هذا ما قاله العماد ميشال عون على شاشات التلفزيون يوم 13 تشرين الأول (أكتوبر) سنة 1990 قبل أن يحسم الجيش السوري المعركة وتنتهي الأمور بالطريقة التي نعرفها. المشاهد تداولها الإعلام السوري حينها من دون أن يعلم بأن عدو الأمس سيعود في مثل تلك الأيام من السنة، لكن بعد حوالى 26 عاماً، ليدخل القصر، رئيساً للجمهورية اللبنانية، لكن بمباركة الجانب السوري. بعدما عاد الجنرال إلى بيروت، فتح صفحة جديدة مع النظام السوري إثر انتهاء الوصاية. السلوك السياسي المحنّك للجنرال جعل المقرّبين من الرئيس السوري بشار الأسد يتداولون عنه وصفه لعون بأنّه «خصم شريف، والمشكلة ليست مع الشرفاء، بل مع الخصم غير الشريف». هكذا، لم تطل الزيارة المنتظرة للجنرال إلى سوريا، فبعد اتفاق الدوحة عام 2008، زار عون سوريا واستقبل الأسد ضيفه بجملة واضحة: «نحن في سوريا نحب صراحتك وصلابتك يا سيادة العماد. نريد أن نكون صريحين مع بعضنا، ونسمّي الأمور بأسمائها وبوضوح، لأن أهميتك يا جنرال أن لك وجهاً واحداً تحكي وتفعل ما تقوله».«سبحان مغيّر الأحوال» كانت هذه الجملة الأبرز في التعليقات الإعلامية على الزيارة التاريخية. في الوقت الذي كانت تزرع فيه دروب الجنرال بالزيتون ويرشق بالأرز من باب الحفاوة السورية، راحت الوسائل الإعلامية تتداول أخبار الزيارة التي سميّت «القلب المفتوح» وفنّدتها بين شقين: أحدهما «سياسي يتوّج بلقاء مع الرئيس الأسد، إضافة إلى إلقاء الجنرال عون محاضرة مركزية في دمشق» والآخر له «طابع مسيحي يتضمّن زيارات إلى الأماكن المسيحية المقدّسة في سوريا. كما ستتخلّل الزيارة لقاءات شعبية في أماكن عدّة». وبالفعل سجّلت الكاميرات لحظات تاريخية لزيارات الكنائس والأديرة التاريخية في «باب شرقي» و«باب توما» و«صيدنايا» و«معلولا».
في الآونة الأخيرة، تباهى الإعلام السوري بدعم حلفاء بلاده لترشيح العماد ميشال عون. هكذا، نقلت وكالة «سانا» مرات عدّة كلاماً على لسان السيد حسن نصر الله أكّد فيه التزام الحزب بترشيح عون لرئاسة الجمهورية. وركّزت صحف ومنابر سورية على كلام نصر الله الذي يقول فيه «نريد رئيساً قوياً وثابتاً ولا يشرى بالمال ولا يرتعب أمام بعض القوى الإقليمية والدولية، فإذا أتى رئيس يشرى بالمال ويخاف من السعودية والأميركيين، فهذا يعني كارثة للبلد». من جانبها، تتحضّر إذاعة «شام. إف. إم» لإنجاز تقرير شامل عن وصول عون إلى «قصر بعبدا». كذلك، ستكون «الإخبارية السورية» على تماس مباشر مع الحدث، رغم أن الإعلام السوري جرّب في هذا الملف تحديداً، التزام القواعد الظاهرية للسلطات السورية بعدم التدخل في لبنان. لكنه ركّز في المقابل على تصريحات حلفائه المؤيدة لترشيح عون، فيما كان لافتاً التعليقات الإعلامية عبر السوشال ميديا التي التقطت علاقة المؤسسات الإعلامية اللبنانية بالأحزاب والشخصيات السياسية. إذ كتب أحد الصحافيين السوريين عن وصول ميشال عون للرئاسة وما «تعنيه لقناة otv البرتقالية التي ستصبح واجهة الرئاسة في لبنان، وعن عودة سعد الحريري لرئاسة الحكومة وما يعنيه من دور لتلفزيون «المستقبل» ليكون بمثابة ناطق باسم الحكومة، وبقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري في منصبه، ما يدل على أن قناة nbn الرمادية وجودها وعدمه واحد». واستطرد ليشرح بأن دعم «حزب الله» لترشيح عون والحريري يعني أن ««المنار» ذات الشارة الصفراء أصبحت في خندق واحد مع تلفزيون «المستقبل»». وختم بـ «أن mtv لآل المر و«الجديد» لتحسين خياط، ملأتا الفراغ الإعلامي الناتج عن الفراغ الرئاسي». وأخيراً وصل التعليق إلى نتيجة نهائية تجزم بأنّ «بلد لديه إعلام ليس بحاجة إلى رئيس».